چکیده:
تتمیّز حکایات ألف لیلة ولیلة بصفة فریدة، وهی سیادة تعلیمات الدیانة الإسلامیة فی معظم عناصرها بشکل بارز، حیث یؤمن کثیر من الشخصیات القصصیة باختلاف أنواعها وأجناسها بهذه الدیانة ویتحمّسون لها. وکذلک الشعائر الإسلامیة مشهودة فی جمیع الأمکنة والأزمنة. یهدف هذا المقال أن یعالج بأسلوب وصفی - تحلیلی اعتناق والتزام الشخصیات القصصیة بأنواعها من الإنس والجنّ والحیوان بالدیانة الإسلامیة، وکذلک مناقشة حضور المسلمین وإقامة الشعائر الإسلامیة فی الأمکنة والأزمنة التی حدثت فیها أحداث هذه الحکایات ودراسة جذور هذه الشمولیة وأسبابها. وخلصنا فی نهایة البحث إلى أنّ اعتناق الدیانة الإسلامیة یشمل أنواع الشخصیات من الإنس والجنّ والحیوان وأنّ هذه الدیانة حسب هذه الحکایات سائدة فی کلّ مکان وفی کلّ زمان ولا فرق بین المراکز الإسلامیة والأماکن القریبة منها والأماکن البعیدة ومجاهل الأرض ومتاهاتها، وتعود أسباب هذه الشمولیة وجذورها إلى بعض المبادئ والمعتقدات الإسلامیة.
خلاصه ماشینی:
1 الإطار الزماني لسيادة الديانة الإسلامية حسب حكايات ألف ليلة وليلة الزمن في حكايات الليالي وكذلك عصور سيادة الثقافة الإسلامية فيها خيالي أساطيري في كثير من الأحيان، وقد أشار محمد نجيب التلاوي إلى هذه الظاهرة في أزمنة حكايات الليالي بقوله: «إنّ زمنية حكايات الليالي قد ترجمت بين الزمن الأسطوري المطلق حتّى حدود الفانتازيا، والزمن الأرضي المقيّد ومن هذه الثنائية تولّد الحكي أرضيا وانطلق أسطوريا فنتازيا، ومن الطبيعي أنّ الفنتازيا الخيالية برحابتها سيكون لها السيطرة الغالبة على حكي الليالي» (التلاوي، 1998 م: 335)، وهذه السمة تميّزت بها عصور سيطرة الثقافة الإسلامية في هذه الحكايات وجعلت الراوية شهرزاد تقفز من عالم الواقع إلى عالم الأساطير أو من الماضي السحيق إلى الماضي القريب، لذا نجدها في كثير من الأحيان - وهي تعيش في العصر الساساني وتحكي قصص غابر العصور والأزمنة - تسرد قصصا عن العصر الأموي والعصر العباسي والعصور المتشابهة، ولا غرو أن تمتلئ قصص هذين العصرين بمظاهر الثقافة الإسلامية وعناصر الحضارة العربية، والغريب كلّ الغرابة أن يعتبر هذان العصران وما شابههما بالنسبة إلى العصر الساساني من قديم العصر والأوان.
4 السيادة الإسلامية في الليالي رمزا ودلالة بدا واضحا في بحثنا هذا أنّ المقصود بالسيادة الشاملة للديانة الإسلامية في حكايات الليالي ليس مجرّد تحمّس الرواة أو الشخصيات القصصية في ألف ليلة وليلة لهذه العقيدة في جميع الأمكنة والأزمنة أو تطبيق الطقوس والتعليمات الإسلامية في العصور المختلفة، بل من المؤكد أنّ لهذا الحضور الكثيف الواسع النطاق في جميع فضاءات حكايات الليالي دلالات رمزية تتطابق مع مفاهيم آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول الأكرم (ص) وكذا كلام العلماء والعرفاء المسلمين، وبلغة أخرى نعتقد أنّ فكرة شمولية السيادة الإسلامية في هذه الحكايات مقتبسة من بعض عناصر المعتقدات الإسلامية وأنّ لها جذورا راسخة فيها، منها بشارة الأنبياء والرسل بظهور خاتم الأنبياء (ص) ولاسيّما اليهودية والمسيحية، الاعتقاد بوحدة الديانات السماوية وإطلاق لفظة الإسلام على جميعها وتسبيح الموجودات جميعها لله تعالى حسب الاعتقاد الإسلامي.