چکیده:
إن التوسل من العقائد الدينية التي شهدت جدلا كبيراً على مر التاريخ
،و من الطبيعي أن يأخذ موضوع التوسل توجهات و مناحي متنوعة في
ضوء وجود مذاهب و مدارس مختلفة في الدين الإسلامي. و قد وردت مفردة
التوسل في القرآن الكريم مرتين، و استعملت في مجال التقرب إلى الغير
و كسب منزلة لديه بواسطة أمر ما. و تعني اصطلاحاً و في الثقافة الأسلامية
الوسيلة لكسب رضا اله جل و علا. و يرتبط مفهوم التوسل ارتباطاً وثيقاً
- بحسب ماهيته - بمفهوم الشفاعة؛ و لذا فثمة ملازمة بين بحث التوسل
و موضوع الشفاعة. و تتجلى الممارسات التي يمكن اعتبارها مصداقاً
للتوسل بأساليب مختلفة في المجتمعات المتعاقبة إلى درجة أنهاتكشف
عن الآداب و التقاليد المتداولة بين الشعوب و الأمم. و بقطع النظر عن الروايات
و الأقوال المتعددة بشأن التوسل على مستوى المفاهيم النظرية، هناك روايات
كثيرة تعبّر عن أمثلة عملية للتوسل بين المسلمين في العصور المتقدمة و القرون
الأولى. على أن التأمل في المصادر الإسلامية يقودنا إلى القول بوجود أنواع
متعددة من التوسل؛ بعضها جائز باتفاق علماء الإأسلام و بعضها محرم كذلك؛
و البعض الآخر كان موضع اختلاف بينهم و من أبرز مصاديق القسم الثالث
التوسل بالنبی(ص)و الأولياء اللإلهيين و التوسل بآثارهم و أدعيتهم بعد حياتهم
و المستفاد من الروايات الإسلامية أنه لا إشكال في التوسل بذات النبي (ص)(
و آثاره و كذا الأولياء الإلهيين حيث كانت سيرة الصحابة و التابعين و جمهور
المسلمين قائمة على ذلك منذ صدر الإسلام إلى اليوم؛ غير أن أبنتيمية أفتى
في القرن الهجري الثامن بحرمة التوسل» فأوجد شرخاً عظيماً بين المسلمين؛
ثم جاء محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر ليؤكد على رأي سلفه و
يعمق الهوة بين مكونات العالم الإسلامي،حتى أصبح هذا الموضوع أداة لتكفير
شريحة واسعة من المسلمين، الأمر الذي أسفر عن توجيه ضربات قاسية إلى
الجسد الإسلامي الواحد.