چکیده:
أبو خالد، يزيد بن مسعود النهشليُّ البصريُّ واحدٌ من أشراف البصرة الَّذين خصَّهم الإمام الحسين علیه السلام بكتابه الذي أرسله مع مولىً له يسمَّى )سليمان، أبو رزين(، وقدْ قتله عبيد الله بن زياد على أثر ذلك، وقدْ وجَّه الإمام الحسين علیه السلام كتابه هذا من مكَّة إلى رؤساء الأخماس في البصرة ليدعوهم إلى نصرته. لقدْ سجَّل التاريخ موقفاً مشرِّفاً لهذا الرَّجل لتلبية دعوة الإمام الحسين علیه السلام واستجابته له، بعدما خطب عدداً من الأقوام في البصرة ممَّن كانوا تحت لوائه وهم: بنو تميم، وبنو حنظلة، وبنو سعد وبنو عامر، فأثَّر خطابه فيهم، فأجابوه، ولبَّوا دعوته؛ لما لمسوا منّه من حماسةٍ ونجدةٍ لنُصرة الحقِّ و مُاربة الظُّلم والفساد والاستبداد، والخشية مِنْ أُفول نجم الإسلام الغضِّ الطريِّ بسبب ما تُنذرُ به الأحوالُ والظروفُ للحكم القائم آنذاك. لقدْ كان هذا الرَّجل متلقِّياً جيِّداً استوعب وفهم كتاب الإمام علیه السلام المشتمل على خطابٍ واسع المعاني عميق الدَّلالة، وإنْ كان مختصراً موجزاً في ألفاظه وعباراته، فلمّ فضَّه وأدرك ما فيه، اتَّبع الهدى، وسارَ في طريقه، وأعرض عن طريق الضَّلال، وأوصد بابه، فحمله ذلك على إبلاغ قومه متَّبعاً وسائل الإقناع، وطرق الاحتجاج، بأُسلوبٍ رصينٍ وبيٍِّ وواضحٍ. احتوى هذا الخطاب كلام يزيد بن مسعود النهشليّ والرُّدود من أقوامه، وكذلك ردَّه جواباً على كتاب الإمام الحسين علیه السلام. وأردنا أنْ نقف على ما جاء في خطابه من دلالاتٍ ومعانٍ، وعلى الجانب البيانيّ في تعبيره الذي يحمل إثارةً في نفوس متلقِّيه، واستقباله منه، ومِن ثَمَّ استجابتهم له؛ إذ نلمح في خطابه تلويناً أُسلوبيّاً حجاجيّاً يحمل مستوىً لغويّاً عالياً، وهو يُعبِّئ قومه من أجل اللُّحوق بالإمام الحسين علیه السلام ونصرته التي هي نصرة للحقِّ والإسلام، وقدْ بدا فيه متحمِّساً؛ لذا جاء كلامه متناغماً مع نفوس القوم، فجاء ردُّهم بأحسن الكلام وأبلغه، مستجيبين لدعوة زعيمهم، وقدْ وجدتُ في هذا الخطاب بين الطرفين أُسساً فنِّيّة تؤهِّله لأنْ يكونَ في عداد النثر الفنِّيِّ البليغ، وأنْ يُعدَّ نصَّاً أدبيَّاً مكتنزاً يزخر بالمعاني والدَّلالات، ويمكن أنْ يُوجَّه وَفق الدِّراسات الحِجاجيّة الحديثة، لما فيه من وسائل إقناع إبلاغيّة وتوصيليّة وإنجازيّة للكلام، وهذا ما سوف نقف عنده من خلال تحليلنا لهذا النَّصِّ المهمّ. والحمد لله ربِّ العالمينَ.
Yazeed bin Mas'ood is one of the noblemen of Basra who
have received Imam Hussain's letters brought by Sulaiman
abu Razeen, one of his supporters. Sulaiman was later on
killed by Ubaydellah bin Ziyad as a result of that. The letter
was sent by Imam Hussain while staying in Mecca to Basra
dignitaries calling them to support him. The man's response
to Imam Hussain's call has been highly appreciated. He
has talked directly to a number of Basra tribes including
Bani Tameem, Bani Handhala, Bani Sa'ad, and Bani Aamer.
Influenced by his address, they responded positively to his
call due to his enthusiasm and bravery in supporting right
and combating oppression and despotism.
Yazeed bin Mas'ood has already responded well
and understood the letter sent by Imam Ali (PBUH). That
letter included a highly meaningful and semantically deep
discourse, though it was brief as a text. He chose to follow
the right path and kept himself away from aberration.
He adopted the same attitude in his response to Imam
Hussain's letter.
This paper is an attempt to study the content of bin
Mas'ood's address highlighting its semantic features and
eloquence. He used a highly effective style to mobilize his
people to stand by Imam Hussain. With his well-spoken
address he could attract the attention of his tribesmen. The
text of the address is, no doubt, a fine artistic piece filled
with rich language. It has also rhetorical and communicative
features that make it a successful means of persuation.