چکیده:
اذا ثبتت الحجیة للدلیل فلا بدّ من رفع المعارض له کی یمکن الاستدلال به، فبحث الکاتب فی هذه المقالة مسالة وجوب الفحص عن هذا المعارض من عدمها مستعرضا ادلّة الوجوب ومناقشتها، کما بحث عن انّه هل یکفی مجرّد احتمال وجود المعارض کی یجب الفحص، ثم بحث امکانیة التمسک بالاستصحاب لنفی هذا المعارض.
خلاصه ماشینی:
وفي مقابل ذلك ذهب السيد الشهيد+ إلى أنّه لا بد من إجراء الاستصحاب إذا احتمل وجود المعارض واقعاً ولا يكفي مجرّد الفحص في المظانّ، فحجية الأمارة منوطة بعدم المعارض واقعاً لا مجرّد قيام الحجة على عدم المعارض كما ذكر المشهور- ومنشأ الخلاف بينه وبين المشهور يرجع إلى تحليل حقيقة الحكم الظاهري وكون التنافي بينها واقعي كالأحكام الواقعية وبيان ذلك: هناك مسلكان في مرحلة التنافي بين الأحكام الظاهرية: المسلك الأول: التنافي في مرحلة الوصول وهو مسلك المشهور من الأصوليين، وبيانه: إنّ الحكم الظاهري متقوّم بالوصول أو معرضية الوصول، لأنّ الحكم الظاهري حكمٌ طريقي محض، والحكم الطريقي هو الحكم المنجز للواقع إنْ أصاب والمعذّر من الواقع إنْ أخطأ، وبما أنّ الحكم الظاهري حقيقته المنجزية والمعذرية وهما منوطان بالوصول، فمع عدم الوصول فلا يوجد حكمٌ ظاهري، وبناءً على هذا المسلك لا تتنافى الأحكام الظاهرية قبل الوصول لأنّها ليست أحكاماً ظاهرية حتى تتنافى، فلو فرضنا أنّ الشارع جعل أصالة الحلّ وفي نفس الوقت جعل وجوب الاحتياط في اللحوم، فلا تنافي بين هذين الجعلين ما لم يصلا؛ لأنّهما ما لم يصلا ليسا حكمين ظاهريين كي يقع التنافي بينهما، فإذا وصل أحدهما وهو دليل البراءة مثلاً وقال: إذا شككتم في أيّ شبهة حكمية فلكم إجراء البراءة، ونحن شككنا في حلّية لحم الأرنب، فنجري البراءة، وأما وجوب الاحتياط في اللحوم فحيث لم يصلنا -وإنْ جعله الشارع واقعاً فلا أثر له، ولا نحتاج أصلاً إلى إجراء البراءة عن وجوب الاحتياط، لأنّه لا يكون حكماً في حقنا حتى يصل.