چکیده:
تعرّض الكاتب في مقالته إلى شبهة أحد الأدباء المعاصرين في القصص القرآنيّة، فبيّن مدّعاه وهو أنّ القرآن لا يجب أن يأتي بالقصص الصّادقة، وأنّها من نسج الخيال بالاستعانة بخرافات النّاس، ثمّ أشار إلى بعض الآثار الخطيرة المترتبة على هذه الدّعوة الّتي من أبرزها تكذيب النّاس للقرآن الكريم، ثمّ وقف على أدلّة صاحب الدّعوى وناقشها دليلاً بعد آخر، وبيّن ما فيها من مغالطات وما يلزم بفسادها.
خلاصه ماشینی:
المقدّمة تعدّ القصّة وذكر أحوال الأمم السّالفة من العناصر المهمّة الّتي يتشكّل منها القرآن الكريم، ويُنطلق منها لتبليغ المفاهيم الدّينيّة وأسس الهداية والمواعظ الحسنة، بأسلوب بليغ ومربٍّ وسريع النّفاذ والتّأثير في القلوب، وما ذاك إلّا لاحتوائها -بالإضافة إلى الهادفيّة- على سمة التّحقّق والوقوع الّتي تجعل ارتباط المستمعين معها بأعلى مستوى من التّفاعل والوثوق والتّصديق، وهي واحدة من مميّزات الكلام الإلهيّ، الّذي لا يضاهى في المنزلة والصّيانة والقدرة والأداء والأمانة: ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ﴾( الجاثية: 29)، بيد أنّه -وبالرّغم من وضوح هذا الأمر والتّسالم عليه من قبل عامّة علماء الإسلام- قد ظهرت بعض الأفكار الّتي تصرّح بعدم ضرورة اتّصاف القصص القرآنيّة بالصّدق والتّحقّق، وأنّ الصّبغة الغالبة عليها أنّها أمثال وخيالات، لتقريب الأفكار إلى الأذهان والسّيطرة على عواطف النّاس ومشاعرهم، وأنّ هذا الأسلوب يعدّ من الأنماط الفنّيّة الأدبيّة، الّتي يتعمّدها القرآن في إيصال أغراضه، حتّى لو أدّى به الحال إلى التّأثّر بالأساطير المبثوثة لدى أبناء العصر الجاهليّ الّذي نزل في أوساطهم، ورائد هذه الآراء الشاذّة هو الدّكتور محمّد أحمد خلف الله المصريّ 1 الّذي كان يقول في أطروحته الّتي أصبحت كتاباً د.
نقد وتقييم هذه المستندات: يلاحظ على ما تقدّم الأمور التّالية: القرآن الكريم هو كتاب هداية وإرشاد، وهذا هو هدفه الأساس الّذي جاء في نفس الآيات: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾(النّحل: 64)، وبالتّالي فما يرد فيه من قصص وأخبار الماضين فالغاية منه بيان ما فيه العبرة والاعتبار والهداية، وليس ذكر ما جرى على الأمم السّابقة بالنّحو الموجود في كتب التّاريخ وأحوال الشّعوب، وحينئذٍ فمن الطّبيعيّ أن يختار من الأحداث ما يناسب هدفه وغرضه وإن أدّى ذلك إلى إغفال التّسلسل الزّمنيّ أو التّرتيب المنطقيّ لجريانها، ولا يدلّ هذا على عدم تحقّق الوقائع.