چکیده:
لا يمكن لأحدٍ أن يستشعر عِظم ما وقع على الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه إلا بقدر معرفته بهم، لذا فإنّ الوظيفة المهمّة لعموم المؤمنين ـولا سيّما- في عشرة المحرم هي التّعرّف على الحسين أكثر فإذا ازدادت المعرفة بالحسين عليه السلام حينئذٍ تستشعر المصيبة أكثر وستظهر آثارها على المؤمنين أكثر وأكثر.لا يخفى على منصفٍ مقدار ما تعرّض له أهل البيت عليهم السلام من ظلم واضطهاد وتنكيل وما إلى ذلك، ولم يبقَ هذا التضييق والعداء على شخوصهم بل تعدّى إلى كلّ المظاهر التي تتعلّق بهم ومما يتعلّق بهم اتخاذ قبورهم مزارات للمسلمين عموماً وللشيعة خصوصاً... وركّز صاحب المقال على واحد من المظاهر التي حوربت على مرّ العصور وهي زيارة الأربعين التي تزداد رسوخاً في جدان المؤمنين كلّما تقادم الزمان.
خلاصه ماشینی:
ومع هذا الثبات الأكيد على هذا العهد الإلهي العظيم إلا أنّ هنالك أسئلةً قد ترد في أذهان المؤمنين وألسنتهم عند تفكُّرهم أو بحثهم الجاد، وقد ترد على ألسنة غيرهم؛ لأغراض معرفية صِرفة، أو للسعي في إضعاف عزيمة المؤمنين وهمتهم في هذه العبادة العظيمة، ومهما يكن فإنّ للحديث حول هذه الأسئلة ومعالجتها رجحانًا على كل تقدير، وإن كان هذا الرجحان مع وجود الغرض السيء أشد وأكثر وضوحاً، فلا بأس بالحديث حول بعضها مِمَّا يرتبط بزيارته عليهم السلام في أربعينه: أشهر ما يُذكَر على المنابر وعلى ألسنة المؤمنين عند الحديث حول زيارة الحسين عليه السلام في الأربعين هو رواية مُرسلة عن الإمام الحسن العسكريعليهم السلام، والمُراد بها هو ما رواه المفيد في مزاره( ) والطوسي في تهذيبه( ) ومصباحه( )، والفتال النيسابوري في روضة الواعظين( )، وابن المشهدي في مزاره( )، وغيرهم في غيرها، حيث رووا عن أبي محمدٍ الحسن بن علي العسكري عليهم السلام أنّه قال: »علامات المؤمن خمس: صلاة الإحدى والخمسين، وزيارة الأربعين، والتختُّم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)«( ).
ثانياً: إبهام "زيارة الأربعين" ويُقال أيضًا إنّ المراد من لفظ "زيارة الأربعين" زيارة أربعين مؤمناً أو أنّه مُبهَمٌ غير مُتَّضح إلا أنّ هذا غير تام؛ إذ "الـ" في "الأربعين" عهديةٌ، ولا معهود في نفس الرواية، ولم يُعثَر -مع التتبع- على عهدٍ أو قرينةٍ تُشير لعهدٍ يرتبط بزيارة أربعين مؤمنًا، ومن جهةٍ أخرى فإنّ لنا قرائن دالّة على أن المعهود هو زيارة عليهم السلام يوم الأربعين، وهي: 1- يقول أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني (ت440هـ) -وهو من العامة- في كتابه الآثار الباقية: "وفي العشرين رُدَّ رأس الحسين إلى جثَّته حتى دُفِنَ مع جُثَّته، وفيه زيارة الأربعين، وهم [حرمه] بعد انصرافهم من الشأم"( )، وأقل ما يمكن استفادته من هذه العبارة أنّ زيارة حرم الحسين عليه السلام لقبره في كربلاء عند العشرين من صفر هي المُتَعاهَد عليها بينهم بـ "زيارة الأربعين"، ولو اقتصرنا على ذلك لكفانا؛ لوضوح أنّ المراد من المؤمن إزاء العلامات المذكورة في الرواية هو أداؤها.