خلاصه ماشینی:
وقد أردنا في بحثنا هذا بيان حقيقة الكفر (المطلب الأول) ثم تبيان أن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعيَّن (المطلب الثاني) ثم بيان حال المتأوّل ومدى تكفيره، ورد العلماء للتكفير بالمآل - مساعد الأمين العام في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة طرابلس (المطلب الثالث) ثم بيان المراد من الاتفاق على أنه لا يكفر أحدٌ من أهل القبلة (المطلب الرابع) وختمنا بذكر أهم المسائل التي دلّ الكتاب الكريم والسنة المطهرة على أنها كفر مع التحذير من التكفير بغير دليل شرعي ولا علم (المطلب الخامس).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «وليس لأحد أن يكفِّر أحدًا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين، لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة» (مجموع الفتاوى 12/466).
ومن الأعذار التي ساقها ابن تيمية والتي ترد على المعيَّن: «الأقوال التي يكفر قائلها، قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمهما، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهدًا في طلب الحق وأخطأ، فإن الله يغفر له خطاياه كائنًا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الإسلام» (مجموع الفتاوى 23/326).
ويتبين مما سلف تمييز العلماء بين حكم المتأوِّل تأويلاً لا يعذر به فهو كافر، بخلاف المتأول تأويلاً سائغًا فمناط العذر من عدمه إفضاء القول أو العمل أو الاعتقاد إلى ما يخالف كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أو الإجماع، وأما المتأول تأويلاً سائغًا في الظاهر، فلا يترك لتأويله، لكنه في الوقت نفسه لا يكفَّر حتى تقام عليه الحجة لأنه لم يقصد اختيار الكفر ولا رضي به.