خلاصه ماشینی:
أقول: إذا كان مناط أصولية المسألة هو في كونها ممّا «يترقَّب أن تكون دليلاً وعنصراً مشتركاً في عملية استنباط الحكم الشرعيّ، والاستدلال عليها، والبحث في كلّ مسألةٍ أصولية إنما يتناول شيئاً مما يترقّب أن يكون كذلك، ويتَّجه إلى تحقيق دليليّته، والاستدلال عليها، إثباتاً ونَفْياً»() فلا ينبغي الشكّ، ولا الاختلاف، في أن قاعدة التسامح أصوليّةٌ؛ لأنّ البحث يتركَّز على دليليّتها؛ إذ محلّ الكلام ومورد النقض والإبرام في دليليّة وحجّية الخبر الضعيف في السُّنَن.
ثالثاً: يرِدُ على أصل الاحتمال الأوّل ـ سواء بتفسير المشهور من ظهور أخبار «مَنْ بلغ» في جَعْل الحجّية الظاهرية للخبر الضعيف، أو بتفسير الشهيد الصدر من ظهورها في جَعْل الاحتياط الاستحبابيّ ـ أنّ الأخبار المذكورة ليست بصدد الجَعْل أصلاً، سواء أكان جَعْلاً للحكم الظاهري أو جَعْلاً للاحتياط الاستحبابي، وإنما هي في مقام الوَعْد أو الإرشاد، كما سيأتي.
وأما الخامس فعلَّق عليه السيد الشهيد بأنه «وإنْ كان وارداً في نفسه، وقد يُستشهد عليه بما ورد في لسان بعض الروايات: «مَنْ بلغه ثوابٌ على شيءٍ من الخير»، الظاهر في المفروغية عن خيريّة ورجحان العمل الّذي بلغ عليه الثواب في المرتبة السابقة، إلاّ أنّ حمل كلّ أخبار الباب، حتّى المطلق منها، على ذلك لا موجب له»().
وبيان ذلك: إنّ الكثير من الأخبار الضعيفة تتضمَّن مفاهيم إسلامية عامّة متّصلة بالحياة والإنسان، وهذه المفاهيم لا مجال للتسامح في أدلّتها؛ لأنّ قاعدة التسامح ـ لو تمَّتْ في نفسها ـ إنما يؤخَذ بها في مجال المستحبّات، ورُبَما المكروهات أيضاً، وأما تعميمها إلى المفاهيم فلا وَجْهَ له إطلاقاً، ولا سيَّما أنّ هذا التساهل في أدلّة المفاهيم الإسلامية العامّة ساهم في تقديم صورةٍ مشوَّهة عن الإسلام، وعن موقفه ورؤيته في كثيرٍ من القضايا.