خلاصه ماشینی:
"ورأی أن یجمع المسلمین علی مصحف واحد ،ینسخون عنه ویرجعون إلیه فی ضبط مصحافهم ؛ حتی لا یکون فیها اختلاف ولاتکثر فیها هذه القراءات ، وأخبر جمهورا عظیما من أصحاب رسول الله بذلک ،فوافقوه علی رأیه ، فأمر بکتابة المصحف علی طریقة قریش فی الرسم ، وکانالکتاب فریقا من الصحابة أیضا ، فکتب عدة مصاحف بهذه الطریقة بعد التحریوالتدقیق ومراجعة ما کتب قبل ذلک ، وبعد السماع من الحفاظ وإن کان الکاتبون همأیضا من الحفظة ، ثم أرسلت هذه المصاحف إلی الآفاق التی انتشر فیها الإسلام ،وفیها الجماهیر من الصحابة ومن أخذ القرآن عنهم حفظا وکتابة ، فوافقوا جمیعا علیاستعمالها والتعویل علیها ، وأعدموا غیرها مما عندهم .
فإن قیل : نحن لا نقول : إن هذا الخطأ کان فی أصل القرآن ، وإنما هومن نساخ المصاحف فی زمن عثمان ، قلنا : إن هؤلاء النساخ کانوا من الفصحاءاللد، فکیف یقعون فی هذا الخطأ ، ویتفقون علیه فی جمیع المصاحف التی کتبوهاوأرسلوها إلی الأقطار الإسلامیة ؛ بحیث لا یوجد مصحف واحد خالیا من الغلط فیهذه الآیات بعینها ؟ وکیف تتفق الحفظة فی جمیع الأزمنة علی قراءة هذه الألفاظالمتنازع فیها کما کتبت فی المصاحف ؛ مع العلم بأن القراء إنما یتلقون قراءتهمعمن قبلهم بقطع النظر عن مرسوم الخط وعما وضع من القواعد النحویة ، وقدتوارثوا هذه القراءات بالتواتر عن النبی صلی الله علیه وسلم قبل وجودمصاحف عثمان ، کما بینا ذلک فیما سبق ؟ ومن علم عنایة المسلمین بالتجوید وضبطالقراءات وأحکام نطق اللهجات المختلفة ، وأنهم لا یأخذون ذلک من الکتب بلبسماع من أتقنها ممن تقدمهم ، علم فساد أمثال تلک الانتقادات الباردة وسقوطها ."