خلاصه ماشینی:
ولو أن شخصاً قد أسقطك في النار وشعرت بالحرارة النارية بحيث صارت الحرارة عن طريق الانصهار, فدرجة اليقين تكاملت إلى أن وصلت إلى أعلى درجة, وهي ما نُسمّيها بـ (حق اليقين), وهذا ما يذكره القرآن الكريم: (كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقين * لَتَرَوُنَّ الْجَحيمَ)(١), هذه درجة من درجات رؤية النار, (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقينِ)(٢), أي درجة أخرى, فعندما يأتي يوم القيامة ويحسُّ الإنسان بحرارة النار سيستيقن بوجودها, فإذا رآها أمامه ازداد يقينه, فإذا اُلقي فيها ازداد يقينه إلى درجة حق اليقين: (كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقينِ), فالتكامل اليقيني يعني أن الإنسان ينطلق من درجة إلى درجة أخرى من درجات اليقين, وحتّى اُصور لك الموضوع بشكل أوضح, نأتي مثلاً إلى الرسول صلى الله عليه واله وسلم, هل أن الرسول يتكامل يقينه؟ نحن نلاحظ بعض الآيات القرآنية مثل قوله تعالى: (وَقالَ الَّذينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتيلاً)(٣), هل كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعيش حالة شكّ أو ارتياب؟ كلا, إذن فما معنى (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ)؟ إن مقصود ذلك أن تصل إلى أعلى درجات اليقين, وهي درجة (حق اليقين), مثلاً إذا فتحت كتاباً _ أيَّ كتاب كان _ يتحدّث عن الإمام المنتظر عليه السلام, وقرأت المعلومات المتعلقة به عليه السلام فقد أخذت المعلومات عن طريق القراءة, ثمّ بعد ذلك جئت إلى المسجد وسمعت المحاضرة, وكانت المحاضرة عن نفس المعلومات التي قرأتها, فستزداد درجة يقينك بهذه المعلومات, ولو طُلب منك أيها الإنسان المثقف الذي سمع المعلومات وقرأها واستوعبها أن تشرحها للآخرين, فقمت بشرحها, فإن شرح المعلومات يزيد من يقينك بها.