خلاصه ماشینی:
فالنص القرآني والروائي لاشتماله على ظاهر ومجمل وحيث لم ينسج بلغة النص الصريح دائماً فلابد من احتواء الخطاب الديني بالمحكم المتأصل الناصع الموافق للفطرة، والفكرة السماوية تعرض على الثابت الديني خشية الإساءة، والمنظومة الإلهية من فقهها ونظمها الأخلاقية ونهجها العقائدي تخطو خطوات مترتبة متكاملة ومتماسكة في بودقة واحدة، وفهم ظاهرة إمامة المهدي عليه السلام التي تعيش في خضم الأبحاث الشائكة وانحرفات السلوك تدرك في امتداد بحث صفات الخالق والنبوة العامة والخاصة والإمامة وحجم الإيمان بها فرع المعرفة السديدة (قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكون إيمان بهم بغير معرفتهم فقال لا) ومعرفة الوسيط السماوي لا يمكن أن يُعرف بذاته وكنهه (يا علي لا يعرفك إلا الله وأنا ولا يعرفني إلا الله وأنت) نعم الروايات عرفته بصفاته وبمشروعه وبمقدار ما خططت السماء له من مهام جسيمة إذ يعرف المرء بمنصبه المخطط من الخبير الحكيم المانح للوسام، فلنا سبيلان للمعرفة: أحدهما نعرفه عن نهج الكتب التاريخية وثانيهما عن طريق المنقول المؤيد بالعقل.
ثم أردفت أفكارنا أما الفصل الثاني ففي صفات الأنبياء ونستعرض أهمها : ١ ـ الاصطفاء (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ( فالآية تدل على أن الله بكل ما للفظ من معنى متقدم هو المرشِح والمنتخِب فليس الاصطفاء عشوائياً مضاداً لفعل الحكيم وتدل أيضاً ان عملية الاصطفاء تمر بمرحلتين مرحلة الفرد (كآدم ونوح) ومرحلة العنوان العام (كآل إبراهيم وآل عمران) تأكيداً وتمهيداً لظاهرة جديدة وإعداداً للاستئناس بالاصطفاء (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) وهذا الاصطفاء العام قد يصحبه خفاء الاسم لكن مؤشره (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) فالاصطفاء مزيج من الجهد البشري ومن الاختيار الرباني، ومن هنا كل سفارة إلهية (نبياً كان أو وصياً) لابد من التنصيص عليها ولا مسرح للانتخاب (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا) فالآية تضمنت سعي النبي بقوله (خذ) وبقوله (كان تقيا) والانتخاب الإلهي (وَآتَيْناهُ) واستمرار الرعاية المقتضية لمقام الأنبياء (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا) وهو الحنان اللدني.