خلاصه ماشینی:
"أولا-التربیة و علاقتها بالقیم عند ما انتقل الإنسان من مجتمع الفطرة الأولی إلی المجتمع السیاسی أصبح یعیش فی تجمعات بشریة لها أسلوب معین فی الحیاة و التفکیر و التعامل یرتکز علی مجموعات من المعتقدات و القیم.
فالتربیة هی جهد اجتماعی یهدف إلی إکساب الفرد تراثه الثقافی و الاجتماعی و تدریبه علی المشارکة فی الحیاة العامة و إعداده لرعایة هذا التراث و تطویره لخیر الأمة أو المجتمع.
و الأمم لا تتقدم إلا عن طریق التربیة و لهذا تخصص الأمم الراقیة أضخم المیزانیات و الجهود لرعایة العملیة التربویة فیها باعتبار أن هذه العملیة هی الطریق الطبیعی أو السلیم و المنظم لنقل التراث من جیل إلی جیل و استمرار بقائه و ازدهاره عبر الأجیال1.
و یری کثیر من التربویین«أن المصدر الأساسی للقیم عند الأفراد هو ثقافة المجتمع الذی ینشأون و یعیشون فیه،و أن مصدر هذه الثقافة السائدة فی مجتمع ما،هو تاریخ ذلک المجتمع و تراثه الذی نقل عن طریق التربیة و التنشئة من جیل إلی جیل،و أن هذه التنشئة أو التربیة هی وسیلة أی جماعة إلی المحافظة علی قیمها الأساسیة،سواء فی الجیل الواحد أو بتتابع الأجیال،کما أنها تسهم فی تعدیل و تطویر ما یحتاج منها إلی تعدیل و تطویر»4.
و تأتی بعد الأسرة مؤسسات أخری تتمتع بتأثیر کبیر فی مجال نقل الأفکار و العادات من مجتمع إلی آخر،و فی مجال تثبیت القیم أو دعمها أو تغییرها أو غرس قیم بدیلة منها.
و بما أن الدولة تملک عادة أکثر وسائل الاعلام تطورا و أفضل الأدوات السیاسیة و الاجتماعیة و الأمنیة تجهیزا،فإنها تبقی المؤسسة الأکبر القادرة،إلی جانب الأسرة،علی القیام بدور فاعل و مؤثر فی عملیة الحفاظ علی القیم."