خلاصه ماشینی:
"و هو إن أبرز هذه المسألة خدمة لغرضه الأساسی،إلا أنه أخفق حین أشعرنا،و بشکل غیر منسجم من الناحیة الفنیة مع سابقه،بإنه لا یتحدث عن فتاة حقیقیة بل عن مدینة من خلال قوله: (افترعتها کف حادثة و لا ترقت إلیها همة النوب) ما علاقة الحوادث و النوب ببکارتها إن کانت فتاة؟یبقی أن الشاعر و ان نجح فی کل صورة علی حدة فی خدمة غرضه الأساسی فی إبراز أهمیة عموریة و صمودها التاریخی فی وجه کل الأعداء،إلا أنه فشل فی تقدیم صورة فنیة متکاملة عن تلک المدینة.
فالصورة الفنیة لا تستقیم إلا بالمحافظة علی هویات عناصرها فی مختلف أقسام الصورة و أجزائها،و الخروج الکلی عن النسق الموضوعی وحده یقدم لنا صورة ناجحة،أما الخروج فلا یقدم لنا بناء و لکنه یقدم أشلاء و یدعونا للعودة إلی المستوی الحدثی الأخباری لکی نلتقی بوحدة الأبیات و ترابطها،ذلک أننا لو استقبلنا هذه الأبیات وفق ذلک المستوی لما وجدنا خللا،بل نجد عموریة مدینة عزیزة علی قلوب أهلها حاول فاتحون کبار أن یدخلوها فعجزوا،و لذلک فهی ما زالت بکرا لم تدن لأی فاتح من الفاتحین السابقین.
لقد تبدلت هویة القلم ست مرات فی ثلاثة أبیات الأمر الذی یجعلنا غیر قادرین علی تذوق جمالیة هذه الأبیات من الناحیة الفنیة،و علینا أن نعود إلی المستوی الأخباری لکی نحظی بالدلالة المتکاملة المترابطة حیث نجد للقلم أدوارا مختلفة یصح أن نشبه کل دور منها بما وصفه به الشاعر(سیفا و سما و عسلا و ندی و مطرا).
3-الجمع بین النسقین:الموضوعی و الفنی:لئن عرف أبو تمام کیف یقیم بین عناصر صوره علاقات منسقة وفق ما تقتضیه مشاعره فی أغلب الأحیان، فإنه لم یعرف هذا الصفاء دائما بشکل مستمر،فکثیرا ما کان یخرج عن إطار هذه العلاقات لیأتی بما یشدنا إلی الواقع و یذکرنا بالنسق الموضوعی للأشیاء."