خلاصه ماشینی:
وقد خصصت البحث للنظر فی الاستشراق وتنمیة الحوار الحضاری من خلال تعامل الاستشراق الروسی مع الأدب العربی الحدیث، علی أنه عزز موروثه الثقافی نحو قضیة تطویر الأجناس الأدبیة العربیة الحدیثة، ولا سیما القصة والروایة.
والثانی: وهو تأثیر الثورة الاشتراکیة فی الاتحاد السوفییتی، فما کان فی المجال السیاسی المارکسی اللینینی هو المتبع أیضا فی مجال الاستشراق، فانتهت (الدراسات الإسلامیة) أو الأتنوغرافیة أو الأنثروبولوجیة، أو کادت لصالح الأرضیة السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة فی فهم المجتمع وتطویره، ولا یستطیع المرء فی هذه العجالة أن یشیر إلی تعثر الموقف من الاستشراق فی ظل إعادة البناء (البیرویستریکا)؛ حیث یعاد النظر فی مفاهیم وممارسات کثیرة ولکنها لا تستمر طویلا علی الرغم من محاولات التطویر الکثیرة دون أسس منهجیة، فالسائد هو تقلید دراسة المجتمع العربی وقضایاه ومشکلاته فی إطار وجهة النظر المادیة( 135 )، فقد صاغوا ما سموه «علم الاستشراق السوفییتی» المبنی علی موروث الاستشراق الروسی، والمعدل وفق النظریة المارکسیة التی تجد مؤیدیها فی بلدان العالم کافة، وانطلق العلم من معهد الاستشراق التابع لأکادیمیة العلوم السوفیتیة، التی صارت إلی أکادیمیة العلوم الروسیة مع مطلع العام 1992، أی: بعد أسبوع من استقالة غورباتشوف.
علی أن بحث دولینیا «تحقیق الأصول فی موضوعات مقامات الحریری وتألیفها» یکشف أیضا عن جوهر فکرة هذه المستعربة فی بحث الأجناس الأدبیة ومکانیات الاستفادة من تقالیدها، فهی تری أن هذه المقامات من نوع «الفن الذی یؤمن مواصلة تطور الأدب القصصی العربی، وتتضمن المقامات انتقادات العالم المعاصر للمؤلف، فالسخریة من حماقة السذج الذین یخدعهم أبو زید، وهو تحقیق للمبدأ الهزلی السائد فی علم الجمال العربی فی القرون الوسطی، یحدد الوظیفة التربویة للمقامات إلی جانب النصائح التی ترد علی لسان الأبطال».