خلاصه ماشینی:
"وعلیک بالمراعاة إلی الغایة ، وبالتأمل إلی النهایة ، واتق الخطأ فی الفتوی ، فإنه عین البلوی ، واعلم أن الاجتهاد والاستدلال إنما یقع فی حکم المسألة التی اختلف فیها آراء العلماء المجتهدین ، والفضلاء روءساء الدین ، فتعددت آراوءهم بها وتکثرت مذاهبهم لأجلها ، أو الواقعة الحادثة المتولدة فی العصر لم یکن لأحد منهم فیها خوض ، وأما ما عدا ذلک من الأحکام الشرعیة والمسائل الفرعیة فلیس محلا للاجتهاد ، ولا مناطا للاستدلال ، کما لو دل علیه الکتاب الأکرم والنور الأعظم ، والسنة اللامعة والحجة القاطعة نبویة کانت أو إمامیة ، بالنص أو الظاهر أو المنطوق أو الفحوی أو غیر ذلک من الدلالات والأمارات ، فیتلقی ذلک الحکم من غیر بحث واجتهاد ، فیأخذه من تلک الآیة الکریمة أو الروایة العظیمة بالمطالعة فی تفسیرها وما ذکر لها من الأقوال والمعانی والوجوه والتأویلات بنظر عمیق ودرک دقیق ، فیرجح منها ما رجحه رأیه بالمرجح ، فیقدم ما هو أقرب إلی الحقیقة الشرعیة ، فإن تعذرت فالحقیقة العرفیة بالعرف العام ، ثم بالعرف الخاص ، ثم الحقیقة اللغویة ، ثم المجاز ویعتمد أقربه ، فإن تعذر فالبعید ، ثم المشترک .
تبصرة فیها تذکرة إعلم أن التقلید والاستفتاء إنما یصح فی المسألة الشرعیة الفرعیة الخلافیة الحادثة الاستدلالیة الاجتهادیة ، وأما ما سوی ذلک کأحکام اصول الدین المبین فإنه یجب النظر فیها علی کل مکلف وجوبا عینیا تحصیلا للعلم بها ، والتقلید فیها غیر کاف ؛ لأنه لا یکون علما اتفاقا ، بل هو قبول قول الغیر من غیر دلیل ، فأعلی مراتبه الاعتقاد لا العلم ، وکالمسائل الفرعیة التی لیست محل الاستدلال ولا موضع الاجتهاد ، مما ثبت حکمها بنص الکتاب المجید أو السنة الغراء أو الإجماع المستقیم ؛ فإنها لیس محلا للتقلید والاستفتاء ، بل یأخذه العامی ونحوه بطریق الروایة إما بالنقل عن أهل الذکر أو بالتفتیش له من مظانه والبحث عنه فی محاله ."