خلاصه ماشینی:
"أما التأثیرات السیاسیة الأخطر بنظری فی ما یخص مشروع التطبیع الخلیجی- الاسرائیلی فی الأجواء التنافسیة الشدیدة التی سیخلقها مثل هذا التطبیع بین القوی الدولیة من جهة،و القوی الاقلیمیة من جهة أخری، فهی حول النفوذ فی هذه المنطقة الحساسة من العالم،حیث ستصبح المنطقة مرکز استقطاب جدید بین قوبی ترید تدعیم هذا التطبیع-خلافا لمکونات المجتمعات الداخلیة-فتضطر بالتالی إلی الستخدام مختلف أنواع العنف«المهذب و المنظم»و بین قوی ستعمل جاهدة للسباحة عکس اتجاه ریاح التطبیع من خلال اقامة تحالفات اجتماعیة-سیاسیة مع مجتمعات البلدان الخلیجیة صاحبة الشأن بأمر التطبیع، و بالتالی ستدفع هی الأخری بکل ما ملکت من وسائل لتغییر الأطر الحاکمة أو السیاسات السائدة سواء بطرق العنف«المهذب و المنظم» ذاتها للقوی المنافسة،أو استخدام وسائل و طرق جدیدة تؤدی إلی تحقیق أهدافها.
و المعروف فی هذا الإطار أن مشروعا ترکیا لإیصال المیاه إلی المنطقة معروض علی دول الخلیج منذ العام 1981 کانت قد رفضته الحکومات الخلیجیة المعنیة فی البدایة بسبب تکالیفه الباهظة ثم عارضته بعض الدوائر عند ما ارتبط بمشروع التسویة الشرق أوسیطة، و أصبح یعرف بـ«أنبوب السلام»نسبة إلی محادثات السلام العربیة-الاسرائیلیة تحت الرعایة الأمریکیة،الذی أصبح مرتبطا بمصیر المفاوضات المتعددة الأطراف.
فی الختام نستطیع القول إن أیة دراسة واعیة و دقیقة و متأملة لوضع مجتمعات دول مجلس التعاون الخلیجی و دول الجوار المحیطة،سواء کانت ایران أو ترکیا أو الأقطار العربیة الشقیقة الأخری،تجعل من الصعب تصور قیام حالة تطبیع حقیقیة بین الظاهرة الاسرائیلیة التی یراد تعمیمها فی اطار التسویة الشرق أوسطیة الشاملة،و حالة الصحوة الفکریة و الایدلولوجیة و الثقافیة التی تعم الوطن العربی و العالم الاسلامی، و التی لا تستطیع أن تخرج المجتمعات الخلیجیة فی دول مجلس التعاون عن سیاقها العام."