حوت من الثلج - مجله البلاغ الاسبوعی متفرقه

"السکر و الذرة و السمسم و لا یکاد بیت یخلو من‌ وجود العسل بکثرة فائقة و تعدد الزوجات شائع‌ بینهم و الملک نفسه متزوج بنحو الا ربعمائة زوجة و علم ان البلاد لا یحکمها کلها ملک واحد و انما یوجد جملة ملوک یختص کل واحد منهم بجزء منها و هم دائبو التنافس و القتال لأتفه الاسباب و جاء الیوم المحدود للصید فخرج الملک بحاشیة مؤلفة من بضع مئات من الخدم و الحشم و کلهم‌ مسلحون بالحراب و النبال و قصودا غابة وراء جبل یدعی جبل الدنبو فاستقبلهم أهل الجبل‌ بالتهلیل و الغناء و اصطف جماعة منهم صفوفا منتظمة و طفقوا یوقعون الحانا شیقة علی صفافیر شبیهة بالنای باتقان غریب-و لهذه القبیلة و لع‌ و غرام بهذه المهنة لانها کل رأس مالهم اذ یمرون‌ علی البلاد المجاورة فی اوقات الحصاد للتسول‌ بغنائهم فیجمعون قوت عامهم تم یعودون‌ لبلادهم و انحدر القوم علی سفح الجبل ثم توغلوا فی‌ الغابات للبدء فی الصید و رأی شعبان حیوانا وسطا بین القرد و الانسان له شعر مسترسل علی‌ ظهره و جانبیه الی طول فی القامة و جمال فی‌ المنظر فصوب السلاح نحوه و لکن رفیقه نهاه‌ عن قتله لانه نوع من البعام الذی یحبه الاهلون‌ و یتغزلون به و انقضی الصید علی احسن حال و اعجب‌ الملک بمهارة الضیف الابیض و اثنی علی مقدرته‌ وقفلوا راجعین و أتوا معهم بسن الاقبال التی قتلوها بعد ما اقتسمت الحاشیة لحومها و علم القوم أثناء عودتهم بمجی‌ء الزبیر باشا صهر الملک ففرح بخیت و شعبان أشد الفرح‌ بمقدمه و ذهبا للتسلیم علیه فرحب بهما و لما علم‌ بحقیقة حالهما و قصا علیه تفصیل ما صادفهما من‌ الاهوال و عدهما بتسفیرهما الی الخرطوم فی‌ أول فرصة و بعد بضعة أسابیع قاما مع احد وکلائه نصفة مقدمین للحمالین السود الذین أعدهم‌ الوکیل لحمل البضاعة الی مشرع الرق بعد أن‌ أذن لهما الملک بالرحیل."