خلاصه ماشینی:
"و إذا کان کل الفارق الذی أوجده الدکتور«جمیل»بین المعرفة عند الفلاسفة،و بین طریق التجربة عند الغزالی،هو الدور الذی یلعبه العقل الفعال فی معرفة الفلاسفة،دون التجربة التی عند الغزالی،أمکن لنا أن لا نقبل هذه التفرقة ما دامت هذه النصوص الکثیرة التی نقلناها عن کتاب معارج القدس قد أفادت بشکل قاطع أن الغزالی یعترف فی کل صنوف المعرفة بالدور الخطیر الذی یلعبه العقل الفعال.
و أیضا فالمنقول عن الإمام نصا أنه یجوز نقل المسجد إلی مکان آخر لضیقه،و قد قیده بعض المشایخ کابن قدامة فی المغنی بحالة ما إذا لم یکن توسیعه،مع أن الدلیل الذی استدل به علی جواز النقل لا یدل علی ضرورة هذا التقیید و إنما یدل علی جواز النقل للمصلحة.
و هذا الدلیل الذی اعتمده صاحب المغنی یدل علی أنه یجوز نقل المسجد للمصلحة و لو کانت هذه المصلحة لا تتعلق بالمسجد نفسه،فإن عمر رضی الله عنه أمر بنقل المسجد للمحافظة علی مال بیت المال،و کان من الممکن أن یبقی المسجد علی حاله،و أن یعین حراسا لبیت المال.
و بعد،فما جاء فی الکتب التی ذکرها فضیلة المفتی من مسوغات نقل المسجد یظهر أنه لیس المقصود به حصر المسوغات فیما ذکر،بل لأنه بوجود مسوغ من هذه المسوغات تتحقق الملحة التی هی مناط الجواز،فلو وجدت هذه المصلحة مع عدم وجود مسوغ من المسوغات المذکورة تعین جواز النقل لهذه المصلحة،کما یدل،علی ذلک ما أشار إلیه شیخ الاسلام ابن تیمیة من اقتضاء نصوص الإمام أحمد و أصوله و عموم کلامه و کلام أصحابه و إطلاقه أن یفعل فی ذلک ما هو مصلحة أهل الوقف،و أهل الوقف فی المساجد هم المسلمون."