خلاصه ماشینی:
"و من الطریف أن الخط نفسه قد ینبع من نفسیة الشعب و جوهره کنحو ما ذکر الباحثون من أن رسم الخط المسند الیمانی کان یشبه الأعمدة فاحروف عند الیمانیین القدماء کانت«علی شکل العمارة التی تستند علی أعمدة،و علی العموم فان لحاضرة جنوب بلاد العرب عقیلة تنمو نحو الأعمدة فی عمارة القصور و المعابد و الأسوار و أبواب المدن»3و لعلنا نلاحظ الآن شیئا من ذلک فی الخط الکوفی الذی تبناه أحفاد أولئک المهندسین العظام و نقلوه إلی الخط العربی.
3-و بعد هذا نحطو خطوة أخری اعقد،فالتضاد ظاهرة موجودة فی العربیة کأن یقال للملدوغ:سلیم و للصحراء المهلکة:مفازة و للناقة التی تقطعها:ناجیة و یبدو من ذلک أن العربی کان مؤمنا بالخرافات موسوسا دائم التفکیر فی الدواهی و الاقدار،فحاول ان یداوی هذا الداء فی نفسه بالایحاء فاطلق الجانب البهیج علی الجانب المزعج لینقذ سمعه علی الاقل مما یکره،فالتطیر آفة فی بلاد العرب تؤیدها اللغة أیضا.
جـ-و لعل من الغریب-بل لعله من الطبیعی-ان ظاهرة الشذوذ الجنسی التی ابتلی بها المجتمع العربی منذ أوائل الدولة العباسیة لیس لها اصدار و لا ایراد فی اللغة و النحو، فقد سکتت اللغة و سکت رابطها النحو عن الاهتمام بهبه الظاهرة الشاذة،و حاولنا أن نجد لها اثرا فی الألفاظ العربیة فلم نظفر بشیء و اللفظ الوحید الذی وضع للشذوذ الجنسی -اللواط-مستعار من اسم شعب کان مبتلی به،و قد استعاره الفقهاء للدلالة علی هذا المعنی إذ لم یجدوا لفظ عربیا یدل علیه و هکذا اسعفهم قوم لوط بالاصطلاح المعروف، و بذلک یتبین ان المسؤول عن هذا التفسخ فی المجتمع العربی أمور جدت علیه و لیس للعرب و لا لمثلهم صلة به."