خلاصه ماشینی:
"و یبدو التفکیر فی هذه الثورة الإعلامیة الیوم مناسبة للتساؤل عن نوع النتائج التی یتوقع أن تحدثها علی صعید الأمن الثقافی و نسق القیم لدی مجتمعات عاجزة عن المنافسة من جنس مجتمعات الجنوب،و المجتمع العربی منها علی وجه خاص:فالقوی المتحکمة فی النظام الإعلامی المعاصر مدججة بما یکفی من أسباب القوة المادیة(التقانیة)لتحقیق اختراق ثقافی ناجح لمجتمعات الجنوب،یتحول بمقتضاه الحقل الاجتماعی و الثقافی لهذه المجتمعات إلی میدان خصب لتوطین نظام کامل من القیم و الرموز و نظم التفکیر،مضاد للذاکرة الجماعیة و القومیة،هادف إلی إعادة صوغ«الشخصیة»الاجتماعیة علی الاقوام الذی تستهدفه هذه الجراحة الثقافیة الجدیدة.
رجوانی عن التلفزة الرقمیة و غیرها دلیل علی ذلک؛و حین ستضیق الشقة بین مراکش و نیویورک مثلا،أتساءل کیف یمکننا أن نظل نفکر فی هذا التحول انطلاقا من فرضیة الأمن الثقافی؟!یبدو أننا نحتاج إلی الخروج من إرادة الدفاع عن الذات إلی تفعیلها و دفعها إلی الاندماج الخلاق فی هذه الثورة المعاصرة و فی مکتسباتها.
أما الآن،فقد أصبح هذا العالم یقدم جاهزا-کما تقدم الوجبات جاهزة فی المعلبات-من خلال صور برانیة تئد ملکة الإبداع لدی الطفل:إنسان المستقبل!هل لدینا بقایا سبیل إلی التفکیر فی مجتمع قادم و إنسان قادم بعیدا عن هذه العملیة الزاحفة لاغتصاب الخیال،و اغتصاب الإبداع،و تعلیب البشر؟ عبد النبی رجوانی: لدی،ابتداء،بضع ملاحظات عما ورد فی مداخلات سابقة: الملاحظة الأولی:استرعی انتباهی القول إن ما نعیشه فی الوطن العربی ظرفی.
قبل أن أختم،أود التنبیه إلی أن الحدیث عن تحدیات الثورة الإعلامیة فی مجمل الوطن العربی ینبغی أن یأخذ فی الاعتبار واقع الاختلاف بین أقطاره:فالبلدان التی یرخص فیها باقتناء الصحون اللاقطة«الپارابول»أو یغض فیها الطرف عن ذلک غیر البلدان التی یمنع فیها هذا الحق."