خلاصه ماشینی:
"لماذا؟لانهم تعودوا ذلک و العادة لها فی کل شیء سلطان فلو آخذت احد هؤلاء بما فعل لاجابک معتذرا ببادرة السهو و عدم الانتباه و هو لو ینتبه مقلد بذلک من حوله من صدیق او قریب او غریب بما یألفه الفکر من الصور التی تنطبع فیه بالتکرار و ترسخ العادة-هکذا تسری فی الناس المشارب و تعمم الاخلاق و تبقی التقالید لقد بلغ علم الصحة لهذا العهد تقدما باهرا حتی غیر کثیرا من عوائد الشعوب مما یتعلق بالملبس و المسکن و المفرش و الطعام فاتسعت المنازل حیث کانت ضیقة و عرضت للنور بعد ان کانت مظلمة و بدلت الستائر الکثیفة بما هو ارق و اسهل تنظیفا و عم استعمال الدهان الابیض المصقول الذی بنم بالغبار ان لاصقه و اخترعت للکناسة آلة تبتلع التراب بدلا من ان تثیره و اهتمت الحکومات بنزفیت الشوارع و قطرها حتی ان الخیاطات اشتر کن بهذه الحرکة فرضین بتقصیر اذیال الثیاب تارکات للمجالس البدلیة مهمة کنس الطرق-کل هذا جری بفضل الهیجین الذی اثار علی الجهل و الاهمال حربا عوانا الا ان النصر المبین التام لم یؤت له بها بعد لان هناک امورا صغیرة فی ذاتها کبیرة فی نتائجها لم تزل منتشرة فی طبقات الشعب راسخة فی اخلاقهم و عوائدهم من کبیرهم و عالمهم الی صغیرهم و جاهلهم فلا بد لا زالتها واستئصال شأفتها من الوقت الطویل و الصبر الجمیل و لا سیما لان النظافة بوجه الاجمال سطحیة یقصد بها رضی العین قبل الصحة فهی فینا نتیجة الشعور و العواطف اکثر مما هی نتیجة الفکر و الضمیر و لنا فی کل خطوة نخطوها فی احیاة دلیل علی صحة هذا القول-خذ مثلا حیاتنا التناسلیة و انظر تجد فرط اهتمامنا بظواهر الامور و تعلقنا بالعرض دون الجوهر فان کل ما یمثل صفاء الشباب و نضارة الصبوة نحبه لان الحب من وظائف الشباب و اخلاق الصبا و لذلک نجتهد بتنظیف ما ظهر من الجسم کالوجه و الیدین و اهمال ما استتر."