خلاصه ماشینی:
"27 و نتیجة لتواجد هذه الید العاملة المختصة،و هؤلاء المهندسین الذین أتوا معهم بطرقهم فی البناء، و بنوعیة فنونهم،ظهرت تأثیرات اندلسیة،خاصة من الناحیة الفنیة و المعماریة،تواصل العمل بها منذ القرن السابع هـ/الثالث عشر م،الی یومنا هذا،اذ وجد تمازج بین الفنین المعماریین:الافریقی و الاندلسی،و تمثل التأثیر فی عدة عناصر فنیة، خاصة النقش علی الجص(و المعروف لدینا: بالنقشة حدیدة)الذی أخذ أبعادا کبیرة ابتداء من القرن الثامن هـ/الرابع عشر م28و تواصلت زخرفة جل المعالم بالنقش علی الجص29.
أما بالنسبة للثقافة المشرقیة،فقد لاقت رواجا مطردا بمدینة تونس،اذ جلبها معهم بعض الطلبة الافارقة الذین درسوا بمصر و بالمدینة المنورة أو بدمشق34و قد حمل هؤلاء الطلبة بدورهم تأثیرات إفریقیة الی البلاد التی رحلوا الیها35 فالصلات الفکریة و العلمیة بین مدینة تونس و بعض المدن الشرقیة کانت قائمة باستمرار، و تواصلت حتی خلال الفترة العثمانیة،اذ احتاجت البلاد فی بدایة القرن السادس هـ/الثانی عشر م الی نفس جدید فی المجال الدراسی و ذلک بعد فترات اضطراب عرفتها البلاد خلال القرن الخامس ه /الحادی عشر م،نتیجة الاحتلال الاسبانی، و نتیجة التصارع بین القوتین الضاربتین آنذاک فی البحر الابیض المتوسط و هما:الامبراطوریة العثمانیة و اسبانیا.
و من مظاهر التجدیدات التی أدخلها العثمانیون، امتیاز جامع محمد بای المرادی،المعروف بجامع سیدی محرز-لوقوعه أمام مقام المولی الصالح محرز ابن خلف-عن غیره من الجوامع ببعض الخاصیات43أهمها اعتماد السقف المتکون من قباب متفاوتة الاحجام،علی أربع دعامات ضخمة،لذلک لا نجد فی بیت الصلاة الأعمدة التی اعتدنا وجودها فی کل مساجد البلاد التونسیة، فلا یحتوی هذا البیت علی البلاطات و المسکبات المعهودة44 أما من الناحیة الفنیة و الزخرفیة البحتة،فقد کان للعثمانیین أیضا،دور فعال لا یستهان به،من ذلک مثلا دخول عدة أشکال زخرفیة حلت النقوش الجصیة،و المتمثلة فی النجمة ذات الثمانی فروع،و المزهریة المتفرع عنها الغصون و الاوراق و الزهور،و کذلک کوز الصنوبر،و غیرها من الاشکال."