خلاصه ماشینی:
"و مع ذلک فإن بعضنا قد یری أن القراءة الصامتة ربما کانت متفقة و طبیعة بعض اللغات الأخری و لا سیما اللغة الإنجلیزیة،لأن کلمات هذه اللغة-کما یقولون-تکتب کما تقرأ،و تقرأ کما تکتب،و هو قول یحتاج إلی فضل تمحیص، و ربما ظهرت مجانبته للصواب،إذ ما أکثر الکلمات التی ترسبت فیها-بسبب تطورها التاریخی-حروف سقطت فی النطق مع أنها بقیت فی الکتابة شاهدة علی أصلها القدیم.
و أصبح الأخذ عن الشیخ عرفا تتمیز به مجالس العلم و دور التعلیم فی حضارتنا، استمر قرونا إلی أن أخذنا طریقة"القراءة الصامتة"،و طبقناها علی أطفالنا و ناشئتنا، قبل أن یتمکنوا من لغتهم،و یسیطروا علی مخارج حروفها و أسالیب نطقها؟ و تنجلی الأمور حین نعرف أن مثل هذه النظریات التعلیمیة إنما هی تجارب یطبقونها عندهم فی مدرسة أو عدد من المدارس التجزیبیة،ثم لا یلبثون أن یرجعوا عنها حین یظهر لم فسادها،و لکن بعض الذین درسوا عندهم منا یظنون أن تلک النظریات قوانین ثابته،و أنها الحقیقة التی لا مریة فیها و أنها الوسیلة للتطور و الدخول فی العصر.
أ لیس هذا أیضا موضعا من مواضع التفکیر و التدبر،و معرفة اختلاف اللغات و آدابها و ما یناسبها من أسالیب التعلم و التعلیم؟ و من أمثلة ذلک هذه الدعوة القدیمة المتحددة إلی إسقاط الإعراب،و استعمال لغة عربیة خالیة منه فی الکتابة و الکلام، علی أساس قاعدة وضعوها هی"سکن تسلم"،و لئن جاز ذلک للعوام حین یتحدثون بلهجتهم المحکیة،فکیف یجوز فی اللغة الأدبیة،و فی المواقف العامة للمثقفین، و فی دروس المعلمین الذین ینشئون أجیال المستقبل،فیسمع الناس منهم،و یتعلم التلامیذ علیهم،لغة منفصلة عن أصولها و قواعدها التی یتحدث عنها المتحدثون و یعلمها المعلمون فی دروس مستقلة، معزولة عن تطبیقاتها،مقطوعة عن استعمالاتها و عما یسمعه التلامیذ،فتصبح قواعد اللغة و نحوها مجمدة متحجرة فی القواعد نفسها،و لا تنساب حیة نابضة فی الاستعمال من:تکلم و قراءة و سماع."