خلاصه ماشینی:
"-2- أما فی المحور الثانی(المنظور التاریخی)فیبدأ النجار من حیث کان انتقال قبائل و جماعات عربیة من المناطق القاحلة(البادیة)إلی المناطق الخصبة (الساحل)،إلی أن تغیرت الصورة بعد مضی زمن طویل علی الهجرة فی ظل النفط و انقضاء أشکالها الأولی من عشرینیات القرن العشرین إلی خمسینیاته،و حدث تدفق للأیدی العاملة (و بخاصة العربیة)إلی بلدان الخلیج العربیة(النفطیة بطبیعة الحال).
و حول تفضیل العمالة غیر العربیة فی بلدان الخلیج،یورد المؤلف عددا من المبررات،منها الخوف من الطموحات السیاسیة للعمالة الوافدة من الدول العربیة و التی قد ترسل فی الحقیقة لبث أفکار سیاسیة باتجاه معین و العمل علی ترویجه،سواء أکان هذا الاتجاه یدور حول تشجیع التقوقع الاقلیمی(و هو ما یحقق الانعزالیة)أم حول الارتباط بالغرب(و هو ما یکرس التبعیة)،فالمهم أن کلیهما یعزز منطق رفض الاعتماد علی الأیدی العاملة المسیسة(العربیة غالبا).
لکن هذا لا یمنع أن ثمة دواعی للخوف من عموم العمالة الوافدة(العربیة منها و غیر العربیة)،منها مرة أخری الشروط التی قد تستحدثها منظمة التجارة العالمیة بفرض التوطین و المواطنة للأیدی العاملة المستقدمة بعد انقضاء فترة من الزمن،و توفیر البیئة الخصبة للأمراض الاجتماعیة،و قیام کانتونات عرقیة و نشوء شراذم إثنیة،و تشویه اللغة و الثقافة العربیة،و انتقال القیم الأخلاقیة الهابطة و اضطراب التنشئة الاجتماعیة هذا إلی أن عدم وجود معاییر ثابتة و أسس معتمدة للتوظیف ساعد علی انتقال الأیدی العاملة المحلیة من أعمال «الیاقات الزرقاء»إلی وظائف«الیاقات البیضاء».
و یختم المؤلف المحور الخامس من کتابه،بأن الحاجة إلی الأیدی العاملة الوافدة کعنصر أساسی فی التنمیة و الإنتاج حاجة مقیمة،علی رغم تقلص الدخول النفطیة و الاتجاه نحو التوطین و ظهور البطالة،و لا سیما أن عدیدا من الوافدین یثنون أنفسهم عن العودة إلی مواطنهم الأصلیة،و هذا یجعل حالة الاستغناء التام عن العمالة الأجنبیة و التوطین الکامل للوظائف الخلیجیة بمثابة«مشهد قد لا یتحقق»."