خلاصه ماشینی:
"إن الحدیث عن الجهد النقدی لمدرسة فرانکفورت واسع و متشعب،و حسب البحث التوجه إلی النقاط التی أسهمت فی بیان الفجوات النقدیة فی الطرح التفکیکی،بمعنی أن النظریة النقدیة لم تستطع مجابهة الطروحات التفکیکیة بشکل مباشر،بل عمدت إلی التموضع خلف المعطیات النقدیة و المعرفیة للتفکیکیة،ثم بیان اهتزازها، و عدم استقرارها،فی حواضر الفکر الدولیة، و یمکن تحدید سبب ذلک بأن الإعلام النقدی المصاحب للتفکیکیة کان علی قدر کبیر من الانتشار،و التبنی،و التطبیق-و لا سیما علی صعید النقد و القرار فی مرکز الرموز و التقویض و صناعة الثقافة:الولایات المتحدة-و لم یکن متاحا لمدرسة فرانکفورت الدخول فی منافسة إعلامیة مع التفکیک فی هذا الإطار،بل عمدت إلی تجریف بعض المعاییر و المرجعیات التی یستند إلیها التفکیک بتقدیمه جملة من التطورات النقدیة- غیر المألوفة-التی قد تفتح مدار أسئلة عقیمة الجواب.
و إلی جانب نقد العقل الأداتی ینشط رواد النظریة النقدیة-و لا سیما هابرماس-بنقد معطیات التقدم التقنی،التی همشت الإنسان، و أقصت فعله التداولی،و رسمت حدودا له تتصف بأنها محددة،قیاسا بالحدود الامتناهیة،التی توصف بها(التقنیة)فی امتلاکها ناصیة صناعة الحلول،و تقدیم النصائح و الإرشادات بشأن الأزمات التی تعتری سلوک الإنسانیة و ممارساتها الاجتماعیة،و أطرها السیاسیة،و تنظیماتها الاقتصادیة،و قد أکد هابرماس أن هذا التقدم(المخیف)للتقنیة سیصبح أساس المشروعیة فی النظام الرأسمالی،و یصبح صورة جدیدة للأیدیولوجیا المعاصرة،التی ستوجه (التقنیة)الجدیدة فی سبیل السیطرة علی الآخر، و التوجه نحو استغلاله،إضافة إلی استخدام التقنیة بوصفها أداة للمناورة؛لغرض تقدیم تنازلات متنوعة قد لا تخدم المصالح الوطنیة و القومیة لبعض الدول الفقیرة6.
أما مارکیوز فقد أتحف النظریة النقدیة بأعماله التی اتجهت إلی نقد کل أشکال الاستبداد و التسلط،و فی مقدمتها التسلط التقنی، و الاستبداد الأیدیولوجی،و قد رکز بشکل أساس علی تحلیل مفهوم(القمع)،و دوره فی البنیة الاجتماعیة،و أثر الفعل السیاسی فی توجیهه و انتشاره،و قد تم له ذلک من خلال تحلیل منظومتی:الجدلیة المادیة لمارکس،و الکبت الجنسی،و عنصر اللبیدو عند فروید26،و أراد من ذلک الوصول إلی بیان العلاقة بین فعل القمع من جهة،و فعل الحرکة الاجتماعیة من جهة أخری، عن طریق البرهنة علی27: 1."