خلاصه ماشینی:
"أمام هذا الواقع یمکن أن نطرح أکثر من سؤال: هل تعیش المجتمعات المعاصرة،لا سیما المتطورة منها،أزمة أخلاق أم أنها تتخذ لنفسها وجها أخلاقیا جدیدا مبنیا علی استقلال الإنسان؟و هل استقلال الإنسان الأخلاقی أمر إیجابی أم سلبی؟و هل یعنی ذلک الاستقلال عدم الحاجة إلی أخلاقیة مشترکة و لا إلی أخلاقیة الماضی؟ هدفنا فی هذا البحث هو السعی للإجابة عن هذه التساؤلات.
غیر أن هدفنا فی هذه الدراسة لیس هو نقد هذا الفکر بقدر ما هو الدلالة علی التغییر الذی أحدثه فی الفلسفة الأخلاقیة و الذی کان له،و لا شک، التأثیر الأکبر فی الفلسفات اللاحقة و فی مجراها،تلک الفلسفات التی تجاوزت الحدود التی رسمها کانط و وصلت بالأخلاقیة إلی حالة من الارتباک و الضیاع.
کانط علی حق عندما یشیر إلی وجود صراع فی الإنسان بین رغباته الطبیعیة من جهة،و هی تدفعه إلی الخضوع بحریة إلی کل التماسات الطبیعة-و هذه الرغبة تقود الإنسان فی نهایة الأمر إلی إعطاء نفسه قانونها الخاص،لیعیش دون طاعة،و ینهمک فی إرضاء حاجاته الأنانیة-،و بین رغبته فی طاعة الواجب من جهة أخری-و هو الواجب الذی یدعوه إلی قبول الطاعة بحکمة،إلی الاهتمام بغیره.
و إلا کیف نبرر العنف فی المجتمعات اللیبرالیة و الحروب و قلة العدالة التی تسببها سیاسات محلیة و دولیة تتصارع علی توسیع نفوذها و علی الربح المادی؟و کیف یمکننا أن نبرر الأنانیة و الولع بالذات الذی لا یمکن کبحه فی المجتمعات الاستهلاکیة التی یتحول الإنسان فیها إلی ضحیة التقنیة،لما تعرضه علیه من منتوجات مختلفة تقرر نمط حیاته؟ألا یمکننا القول إن إنسان عصرنا هو الخطر الأول و الأشد الذی یتهدد الإنسان؟و بالتالی،ألا یمکننا التأکید أن تحقیق الإنسانیة الشاملة سیبقی مجرد و هم،ما دام الإنسان یعتبر نفسه قادرا علی إنجازها بنفسه؟ مراجع البحث Franz Bockle,Fundamental Moral Theology,Translated by N."