خلاصه ماشینی:
"هذا ما یشیر إلیه فی وصف امرأة: و مرآتها،لا یقتضیها جمالها بمرآتها،و الطبع غیر التصنع10 و مما یخرج الشعر عن الطبع إلی التصنع التشدد و تکلف الجهد و المشقة: و إنک لتری الرجل من یهود،و هم أهل لین و ضعف یظهر التشدد و التجلد علی ما نزل،فیخرج به ما فعل عن الطبع"11و معنی ذلک أن التصنع إنما یظهر عندما یتکلف الشاعر قول الشعر،باذلا فی ذلک الجهد و التعب،و هو ضعیف الموهبة و الغریزة.
و للغریزة عنده دور الکبیر،لا فی عملیة الإبداع و حسب،و إنما فی نقد الشعر أیضا و هذا الجانب یظهر بوضوح فی تعریفه للشعر:فالشعر عنده"کلام موزون تقبله الغریزة علی شرائط،إن زاد أو نقص أبانه الحس"16بل إننا نراه یلجأ إلی غریزته فی توثیق شعر البحتری17و امرئ القیس18.
أما شعر الرویة،فهو شعر الفکر الهادئ المتأنی،و علی نقیضه شعر البدیهة،و هو البعید عن الفکر،الذی یقال لوقته:"فمن قصیدة کاخلخال،لیس بناؤها من معنی بخال،و من أخری مثل السوار،صدرت عن صدر بالفکرة شدید الأوار،و سائرة فی الآفاق خفیفة المحمل علی الرفاق،کأنها القرط العطر أو الشنف،حملته الأذن و ساما ریاه الأنف،و أبیات عملت فی بدیه ختم بها المجلس و نجوی نادیه،فکأنها خاتم ید ختم بها وقت غیر مفند،فأدرکته علة من أمر الله،عاقت الخلد عن الفکر و اللسان عن الذکر،43و نحن نلاحظ فی هذا الکلام،إضافة إلی إشارته إلی الصلة بین صنعة الشعر و صنعة الصائغ،أنه یقدم شعر الرویة علی شعر البدیهة،و لعل قوله فی اللزومیات یؤکد ذلک: و لم یتناول،درة الحق،غائص من الناس،إلا بالرویة و الفکر44 و هنا أیضا الصلة واضحة بین الفکر و الرویة."