خلاصه ماشینی:
"و یقول الآخر اللهم أعط ممسکا تلفا»فهذا الحدیث الشریف یستنهض النفوس الی البذل و السخاء و ینفرها من قبض الید فی البخل أما الوعد بالخلف فقد أیده القرآن الکریم «و ما أنفقتم من شیء فهو یخلفه و هو خیر الرازقین» و قد أمرنا بالتوسط بین التقتیر و التبذیر فی قول العلیم الخبیر «و لا تجعل یدک مغلولة الی عنقک و لا تبسطها کل البسط فتقعد ملوما محسورا» و نهینا أن نلوث أن أیدینا باستعمالها فی قتل النفس لان الاسلام یرمی الی أسمی الغایات من حقن الدماء و بقاء الناس و أن یحیوا حیاة سعیدة ما شاء الله لهم بها قال تعالی و لا تقتلوا النفس التی حرم الله إلا بالحق و قال رسول الله صلی الله علیه و سلم«لا یحل دم امرئ مسلم یشهد ألا إله الا الله و أنی رسول الله إلا باحدی ثلاث النفس بالنفس و الثیب الزانی و المارق من دینه التارک للجماعة»و المراد من هذا الحدیث الشریف تحریم قتل المؤمن فی ما عدا الاصناف الثلاثة المذکورة و هم قاتل النفس و المتزوج الزانی أو المتزوجة الزانیة و المرتد عن دین الاسلام المفارق لجماعة المسلمین.
و الغرض المنشود من هذا القول الحکیم أولا التشریع ثانیا التخویف حتی ینتهی من سولت له نفسه ارتکاب احدی هذه المعاصی متی علم أن جزاءه سیکون الاعدام،أما الحکمة فی تشدید عقاب الزناة فسیأتی الکلام عنها فی القسم الآتی من هذه المحاضرة و أما السبب فی قتل المنافق الذی یخرج عن الاسلام فهو لئلا یضل غیره فما أشبهه بالعضو الفاسد فی البدن یجمع الاطباء علی بتره حفظا لنجاة باقی الاعضاء و سلامتها و مما نهینا عنه أیضا أکل أموال الناس قال تعالی «و لا تأکلوا أموالکم بینکم بالباطل و تدلوا بها الی الحکام لتأکلوا فریقا من أموال الناس بالاثم و أنتم تعلمون» لو اتبع الناس هذه الآیة الشریفة لاستراح القضاة من القضایا المدینة و ما فیها من تزویر فی الاوراق و ادعاءات باطلة و شهادات کاذبة و انکار للحقوق الی غیر ذلک من المشاکل المعلومة لکل من یغشی المحاکم قال رسول الله صلی الله علیه و سلم «من أخذ أموال الناس یرید أداءها أدی الله عنه."