خلاصه ماشینی:
"و التضامن فی التأمین هو اجتماع طائفة من الناس بدافع تعرضهم جمیعا لمخاطر من نوع واحد کالموت أو الحریق أو السرقة أو هلاک البضائع فی أثناء نقلها بالبحر أو بغیره و رغبتهم فی التعاون علی اتقاء شر هذه المخاطر و دفع أذاها عنهم،و قد جعلت التشریعات الحدیثة أساس التأمین هذا التعاون، فحیث ینعدم التعاون لا یوجد التأمین،و لذلک یقول شراح القانون المدنی إن التعاقد بین فردین للتأمین من خطر واحد یتعرض الیه أحدهما لا یعتبر تأمینا بالمعنی الذی قصده القانون من عقود التأمین لأن المستأمن لا یکون فی مأمن من الخطر لأن العقد قد أمنه الخطر فی الظاهر و لکنه فی الحقیقة لازال فی نفس الخطر إذ سیبقی معرضا لخطر إعسار من تعاقد علی بیع المحصول الذی ستنتجه أرض معینة بسعر جزافی قبل جنیه،لأن هذه العملیة و إن أدت الی تخلص البائع من خطر قلة المحصول أو فنائه بآفة زراعیة فانها لا تعتبر تأمینا لفقدها عنصر التعاون،و یعتبر التخلص من الخطر فی هذه الحالة نتیجة عارضة لعقد البیع لا تأمینا،و إلزام القانون رب العمل ببأن یعوض العامل عن الاصابات التی تصیبه فی أثناء العمل لا یعتبر تأمینا کذلک.
هؤلاء و أمثالهم لم کن لیتحقق لهم الأمان لو لا التأمین عن الحریق و الوفاة و حوادث العمل،و فی ذلک من الفضائل الحلقیة الشیء الکثیر سواء من حیث الباعث علیه أو الغایة منه أو النتیجة،إذ الباعث علی التأمین هو الاحتیاط للمستقبل و هو فضیلة خلقیة،فبدلا من أن یرکن الشخص الی طلب المساعدة من الغیر بأن یستدر عطفهم و یستجدی إحسانهم إذا أعوزته حاجة مستقبلة غیر مترقبة فانه یحتاط لنفسه ضد مخاطر الحیاة المحتملة فیعمل علی تفادی شرورها عن طریق التأمین،و قد یعانی فی هذا السبیل بعض صنوف الحرمان و یتحمل شظف العیش کی یدبر قسط التأمین و لکنه یستطیع بذلک أن یتفادی الذل الذی یتعرض له بصیرورته عالة علی المجتمع."