خلاصه ماشینی:
"و لذلک یری الهلالی قصور تفسیر المشهور بقول ابن القاسم فی المدونة،لأن من مقتضی ذلک أنه لم یکن الحکم مذکورا فی المدونة،کان مذکورا فی غیرها،و قال فیه الامام و أصحابه قولا،و شذ بعضهم فقال مقابله،فلا یسمی الأول مشهورا،قال:«و لا أظن أحدا ینفی عنه اسم المشهور»،ثم التمس رحمه الله لهذا التفسیر عذارا فقال:«و لعل قائله قصد التعریف بالأخص، علی مذهب من جوزه،و کان وجه التمثیل للمشهور و لم یقصد قصره علیه»94.
أما مقابل المشهور و هو الشاذ فإنه کالضعیف لا یجوز الحکم و لا الافتاء بمقتضاه،إلا أن یکون الآخذ به من أهل النظر و القدرة علی الترجیح،و نتیجة لما شاع فی العصور المتأخرة من فقدان المجتهد ولو فی المذهب،و بخاصة فی أوساط القضاة لتصورهم انهم لا یعدلون عن المشهور إلا لغلط أو جهاله،أو لغرض فاسد من اتباع الهوی و المیل إلی المحکوم له،فقد قرروا أن الواجب هو اتباع المشهور فقط،و من خالف ذلک فإنه ینقض حکمه و لا ینفذ،و علی هذا سار ناظم العمل الفاسی بقوله: حکم قضاة الوقت بالشذوذ ینقض لا یتم بالنفوذ و من عوام لا حجز ما وافقا قولا فلا اختیار منهم مطلقا115 بل لقد تشدد التسولی غایة التشدد فی نصرة المشهور و ذهب إلی أن المقلد لا یعدل عن المشهور و إن صح مقابله،و أنه لا یطرح نص إمامه للحدیث،و إن قال إمامه و غیره بصحته116.
فجریان العمل فی بعض المسائل تبعا للعرف الذی اقتضته المصلحة فی حق العامة یرجح ذلک القول المعمول به،و هذا مما لا ینبغی الخلاف فیه کما (161)نور البصر،ملزمة 11 ص:7،ثم استأنف الهلالی قائلا:«و بهذا یعلم الجوابن عن إشکال فتوی المازری بالشاذ مع قولهم أنه عاش ثلاثة و ثمانین سنة و بلغ رتبة الاجتهاد-یعنون الاجتهاد فی المذهب-و لم یفت بغیر المشهور،مع قوله هو نفسه:لست ممن یحمل الناس علی غیر المشهور و مذهب مالک و أصحابه."