خلاصه ماشینی:
"فالانقلاب علی نتائج الانتخابات و النکوص إلی لغة الحرب الأهلیة و الإیغال فی سیاسة الانفکاک التاریخی عن المجتمع و خیاراته السیاسیة لیس سمة تقتصر علی«الدولة»فی الجزائر بل هی سمة عامة تطال موضوع«الدولة» و دورها فی معظم مساحات العالم الثالث.
و هی-أی الدولة فی العالم الثالث-هیئة سیاسیة تختلف فی تطورها عن تلک الهیئات أو الدول التی نشأت فی أوروبا أو فی الولایات المتحدة مثلا.
و لأجل استکمال عملیة التوافق بین الثروة القومیة و استهلاکها و مساحة الوطن و حاجة حمایته ارتدت مسألة الأرض أهمیة تاریخیة فی تطور«الدولة»فی أوروبا من المدینة إلی السوق،و تم تالیا تطویع الخارج(السوق الدولیة)لتنمیة و تطویر الداخل (السوق الوطنیة).
الدولة الحدیثة فی العالم الثالث(آسیا و إفریقیا تحدیدا)لم تتطور من الداخل و لیست نتاج التفاعل التاریخی بین توازن المصالح و توزیع الثروة و تقسیم العمل و دورة الإنتاج.
و إذا کانت مظاهر التناقض فی بعض دول آسیا تتمثل فی احتواء الهجوم التکنولوجی الذی قاده الغرب ضد تلک المناطق فإن مظاهر التناقض فی منطقتنا تعبر عن نفسها فی سلسلة الهجمات التی قادها الغرب علی أکثر من صعید و طرف فی العالم العربی-الإسلامی بسبب اختلاف المواقع الجغرافیة-الاستراتیجیة و احتواء مساحاتنا علی ثروات لا غنی لأوروبا عنها.
و ما حصل فی الجزائر أکد أن المعضلة هی معضلة«الدولة»قبل أن تکون معظلة الدیموقراطیة،و أکد أیضا أن الدیموقراطیة مسألة أکبر و أعقد من أن تحسم فی صنادیق الاقتراع،فهی أساسا نتاج تاریخی یجب حسمه فی المجتمع أولا ثم بعد ذلک یتم نقله إلی السیاسة(أعطنی دولة و خذ دیموقراطیة)."