خلاصه ماشینی:
"سابقیه،و ألف فی ضوء ذلک مؤلفه الشهیر عن«الجرائم و العقوبات»عام 1764 م،و أوضح بصورة جلیة أهمیة مبدأ الشرعیة باعتباره الوسیلة الفعالة لتخلیص القانون الجنائی من التحکم و التسلط الناشئین عن التدخل بین المحظور و المباح8،و قال فی هذا المؤلف بأن السبیل الوحید لحمایة الأفراد من طغیان القضاة و تعسفهم فی مجال التجریم و العقاب هو القانون،فلا یؤاخذ الفرد جنائیا عن فعل لم ینص علیه القانون مسبقا،و لا توقع علیه أیة عقوبة ما لم یکن المشرع هو الذی حددها و عین مقدارها،و ربط شرعیة الجرائم و العقوبات بالعقد الاجتماعی،فالجرائم هی التی ترسم فی هذا العقد حدود المحظور و المباح،أو هی بالأحری بمثابة حدود وردت فی العقد علی حریات الأفراد،و بالتالی لا ضیر من بیان هذه الحدود لیعرف کل فرد ما انتقص من حریته و بات من ثم محظورا علیه،و ما تبقی له منها فیظل مباحا و مشروعا،و من هنا فإن البیان المذکور هو أهم شروط العقد الاجتماعی، و هو أداة الفصل الحقیقیة بین السلطتین التشریعیة و القضائیة.
و التفویض التشریعی فی الأحوال العادیة للسلطة التنفیذیة احتاط له المشرع الدستوری المصری عند ما قنن فی صلب الدستور نص المادة(66)و الذی جاء فیه«لا جریمة و لا عقوبة إلا بناء علی قانون»،و یجری تفسیر هذه العبارة علی أن النص الجنائی یستوی أن یجیء فی صورة القانون أو ما فی حکمه(المراسیم بقانون)،أو فی صورة تفویض من القانون للسلطة التنفیذیة و الهیئات الإداریة، و رغم أن الفقه لا یقر التفویض التشریعی فی مجال قواعد التجریم و العقاب حرصا علی حمایة الحریة الفردیة،إلا أنه جائز فی حدود الجرائم البسیطة کالمخالفات،و هذا ما قننه المشرع المصری فی المادة(380)من قانن العقوبات و التی جاء فیها«من خالف أحکام اللوائح العامة أو المحلیة الصادرة من جهات الإدارة العامة أو المحلیة یجازی بالعقوبات المقررة فی تلک اللوائح بشرط ألا تزید علی خمسین جنیها،فإن کانت العقوبة المقررة فی اللوائح زائدة عن هذه الحدود وجب حتما إنزالها إلیها،فإذا کانت اللائحة لا تنص علی عقوبة ما یجازی من یخالف أحکامها یدفع غرامة لا تزید علی خمسة و عشرین جنیها»."