خلاصه ماشینی:
"جذور المشکلة و ظروفها: و لعل مرد هذا الخلط فی قضیة یولیان و اضطراب الروایات حوله و تداخلها یعود إلی عدة نقاط منها: (أ)طول العهد بهذه الأحداث و تأخر کتابتها،إذ لم تسجل إلا بعد وقت طویل من حدوثها،مما أربک رواتها و هنا امتزج التاریخ بالقصص الشعبی المتداول،و لما أراد مؤرخونا کتابتها أعوزتهم المعلومات الدقیقة لتفسیر بعض الأحداث و ربطها ببعضها، فکان هذا الاضطراب و الخلط فی تفسیر الروایة التاریخیة التی نجدها واضحة فی کتابات من توقفوا عند هذه الشخصیة و حللوا أخبارها فهذا حسین مؤنس عمدة مؤرخی الأندلس العرب-مثلا-الذی یعد أکثر من تناول هذه الشخصیة بالبحث و التحلیل فی عدد من کتاباته،تصل به الحیرة و الشک إلی حد التناقض أحیانا-و هو معذور فی ذلک-فمرة هو موجود و التقی عقبة36و أخری مشکوک فی وجوده و لقائه عقبة37،ثم هاهو یتساءل:«هل کان عقبة طالبا لهذه الهدایا الحسنة فقط-یقصد تلک التی قدمها له یولیان-فمن بذلها جاز له أن یعفی من قبول الإسلام أو بذل الجزیة أو الحرب؟أو أن عقبة اکتفی بما بذل هذا الرجل من طاعة اسمیة فأعفاه من کل قید،و قبل نصیحته و عمل بها؟»ثم یقول:«جیوش إسلامیة غازیة تقبل علی بلاد لتفتحها،فیقدم ملک هذه البلاد بالهدایا الحسنة و النصیحة الطیبة فینصرف المسلمون لا إسلام و لا جزیة و لا قتال»38."