خلاصه ماشینی:
"ثم جاء فقهاء مجلة الأحکام العدلیة فوضعوا فی مقدمتها مجموعة کبیرة من هذه القواعد،بلغت تساعا و تسعین قاعدة،فی تسع و تسعین مادة من 2 إلی 100 و قد اختاروا هذه القواعد مما جمعه ابن نجیم و محمد أبو سعید الخادمی مضافا إلیها بعض القواعد الأخری،و قد صیغت فیها القواعد الفقهیة صیاغة فنیة دقیقة،إلا أنه یلاحظ علیها أنها لم تعجل کل مجموعة من القواعد الخاصة بموضوع واحد فی باب علی حده،و لم تجعل القواعد المتقاربة بجوار بعضها،و إنما سردتها سردا غیر مرتب أو مبوب،کما أن بها بعض القواعد المتحدة فی المعنی و الموضوع،مثل قاعدة(یختار أهون الشرین)،فإنها فی معنی قاعدة(إذا تعارضت مفسدتان روعی أعظمهما ضررا بارتکاب أخفهما)،و لا خلاف بینهما إلا فی اللفظ،و کذلک وجد بها بعض القواعد المتداخلة،و إن کان لا ضرر من ذلک لأن بعضها یفید إطلاق البعض الآخر أو یخصص عمومه،کذلک یلاحظ علیها أن بها بعض القواعد التی لا تعتبر من القواعد الفقهیة،و إنما تعتبر من القواعد الأساسیة الأصولیة،مثل(الأصل فی الکلام الحقیقة)و(إذا تعذرت الحقیقة یصار إلی المجاز)،و(إذا تعذر إعمال الکلام یهمل).
5-عدم تفصیل الأحکام التی تتغیر مصالحها و تختلف باختلاف الأزمان و الأماکن و المجتمعات،و الاقتصار فی بیانها علی قواعد عامة کلیة صالحة للتطبیق فی جمیع الظروف،یدل علی قصد الشریعة تحقیق المصالح للناس فی جمیع الحالات، و ذلک لیطبق ولاة الأمور هذه القواعد العامة فی کل زمان و مکان،حسبما تقتضیه المصلحة فی کل زمن و مکان و مجتمع،فالشریعة مثلا قررت نظام الشوری فی الحکم لقوله تعالی: و شاورهم فی الأمر 74و قوله: و أمرهم شوری بینهم 75و لکنها لم تفصل کیفیتها و نظامها،و أهل الشوری و کیف یختارون، و موقف الهیئة الحاکمة عند اختلاف المشیرین،و غیر ذلک من التفاصیل لأن هذه التفاصیل تختلف المصلحة فیها باختلاف الزمان و المکان و البیئة،فترکت ذلک إلی أولیاء الأمور لیطبقوها بما یحقق مصلحة الأمة علی اختلاف العصور،و هذا یدلنا دلالة واضحة علی تحقیق الشریعة لمصالح الناس."