خلاصه ماشینی:
"و یقول الباحث بعد عرض رائع لحیاة الرسول صلی الله علیه و سلم و الصحابة و لتاریخ الدولة الاسلامیة ان المسلم یعرف ان الحیاة الدنیا ما هی الا وسیلة للآخرة وکلنا یحفظ عن ظهر قلب الأحادیث النبویة الشریفة و الآیات القرآنیة و الأمثلة المحمدیة من حیاته الشریفة و حیاة الصحابة التی تؤکد هذه المقولة،اذن-یتساءل الباحث-کیف تکون هذه الحیاة الدنیا وسیلة للآخرة؟ التدین و الانتاج و بعبارة أخری ما شکل التوجیهات الدینیة التی تحکم نشاط الانسان الاقتصادی و الاجتماعی و السیاسی،أو ما هی مکانة التوجیهات الدینیة فی هذه الأنشطة،و بمعنی ثالث:هل التوجیهات الدینیة تجعل الفرد اجتماعیا مشارکا فی النشاط الاقتصادی و الاجتماعی و السیاسی بفعالیة أم تدعوه للعزلة و التأمل و الخلوة و الاکتفاء بانتاج أقل القلیل أو حتی بعدم الانتاج و انما بالعیش علی الصدقات و الهبات و التبرعات؟ و یصل الباحث الی ان الناس لو نشطوا فی عالمهم الواقعی بدافع تدیهم لأصبحت حیاتهم و حیاة مجتعهم صورة مثالیة،ذلک انهم سیسعون فی هذا العالم و لن ینتظروا نتائج سعیهم فی هذا العالم،و انما یتطلعو الی هذه النتائج فی صورتها الدینیة فی عالم الآخرة،لأن سعیهم فی هذا العالم قائم علی أساس دینی فانهم سیستغلون کل طاقاتهم و امکاناتهم،و من هنا تختفی السلبیة من حیاة الأفراد و المجتمعات علی السواء اقتصادیا و اجتماعیا و سیاسیا،أی ستحدث تنمیة حقیقیة فی المجتمع و یصبح قویا عزیزا یملک قوته،و یصبح أعضاؤه کلهم مجتهدین مکتفین.
البدایات الأولی یقول الباحث أن جذور التصوف ترجع للقرن الأول الهجری و بعضهم یرجعه الی أنه مستمد من حیاة الرسول صلی الله علیه و سلم،و لکنه یضع نقطة نظام بان ممارسات الصوفیة التی نراها و نقرأ عنها لم تکن تمارس فی عهد الرسول،أو علی الأقل لم تکن تمارس بهذه الکثافة و الثبات، و یقطع بان الأشکال الصوفیة هذه لم تتبلور الا فی القرن السابع الهجری،و ان حالات فردیة و مسلکیة سبقت ذلک بقرون،و منذ حرب الردة و غیاب المؤسس الأول و بدایة الاجتهادات التی تحولت الی مدارس فکریة عقائدیة نبتت من احداها فکرة التصوف،و شهد القرن الهجری الأول ظهور حالات الزهد و العزلة عن الحیاة السیاسیة، و ظهور العبادات المتشددة کاعتراض علی ما کان یحدث أیام سیدنا عثمان بن عفان أو بعد ذلک، و بعد الفتوحات و میل الناس للاستمتاع بالحیاة لجأ البعض الی التشدد فی مواجهة ذلک."