خلاصه ماشینی:
"وهذا الاتجاه من الفهم لحرکة التاریخ یرفض اتجاه الفکر اللاهوتی الذی تبناه أوغسطین وأمثاله لأن الاتجاه اللاهوتی یربط الحوادث بالله قاطعا صلتها ببقیة الحوادث والعلاقات والارتباطات التی تمثل السنن والقوانین الموضوعیة بینما القرآن الکریم یربط السنة التاریخیة بالله ویعتبرها تحقیقا لقدرة الله، فهو ینظر إلی هذه السنن نظرة علمیة ونظرة إیمانیة (36) وحین یقول مالک بن نبی أن الفکرة الدینیة هی وراء تفاعل الإنسان والتراب والوقت، فإنما أراد من الدین الطاقة الروحیة التی تدفع الإنسان نحو الحرکة التکاملیة، وهذه الطاقة الروحیة مستمدة من المثل الأعلی المطلق الذی یدعو إلیه الدین ثم الشوائب التی تحدث عنها ابن نبی فی المرحلة التالیة هی نفسها الآلهة المزیفة التی تتعملق علی طریق حرکة المجموعة البشریة وتصدها عن الحرکة، ولکن لیس من الضروری أن تنتهی هذه المرحلة إلی السقوط إلا إذا فقدت الأمة مقومات العودة إلی مثلها الاعلی الحق، کما حدث للأمة الإسلامیة حین استشری فیها الفساد الذی یشرحه ابن خلدون عند حدیثه عن أسباب سقوط الأمم، وحین خلت الساحة من القادة المبدئیین.
مما تقدم نعتقد أننا نستطیع الجمع بین معظم آراء علماء فلسفة التاریخ المسلمین وغیر المسلمین وبین النظریة القرآنیة کما رآها السید الصدر، بأن الدافع الأول لحرکة الفرد والجماعة هو (العزة)، لان الإنسان مفطور علی أن یکدح إلی ربه العزیز وبقدر ما کان فی الجماعة البشریة من إحساس بالعزة أکثر کانت قدرتها علی الحرکة علی الساحة التاریخیة وصنع الحضارة أکثر، وتهبط هذه الحرکة مع ضمور الإحساس بالعزة، وتتوقف حرکتها حین تمنی بالذل من هنا کانت مهمة الأنبیاء والمصلحین بث الشعور فی نفس الجماعة البشریة بالعزة، ولکنها العزة الحقیقیة التی تکون عن طریق السیر إلی الله، لا العزة السرابیة باللجوء إلی الآلهة المتعملقة الزائفة التی یخیل للإنسان أنه یبتغی عندها العزة."