چکیده:
خلال النصف الأول من القرن الماضی انتظم الشعر العربی الحدیث و نظیره فی الأدب الفارسی فی ثلاثة ضروب من التشکیلات البنائیة: تشکیلة شعر العمود، وتشکیلة قصیدة النثر أو الشعر الأبیض، و تشکیلة شعر التفعیلة. بعض هذه التشکیلات متعاقب، و بعضها متزامن، و بعضها الثالث متجاوب. و رغم أنها تعکس فی تطورها و تجاربها و جهات نظر مختلفة و مواقف أیدیولوجیة و اجتماعیة و ثقافیة متباینة، الا أنها فی مجموعها دلت علی مبلغ التحول الذی طرأ علی الحساسیة الفنیة، بما فیها من المعرفة و الذوق اللذین أخذا یصیبان جوانب الحیاة. و موضوع هذه المقالة هو المقارنة بین شعر التفعیلة العربی و نظیره الفارسی (الاتجاه النیمائی) من حیث البحور المستعملة فیهما. و قد جئنا فیها بالبحور المستعملة فی قصیدتی التفعیلة العربیة و الفارسیة. فقارنا بین البحور العربیة المستخدمة فی قصیدة التفعیلة العربیة و نظیرها فی الأدب الفارسی، مستخدمین نماذج من قصائد «بدر شاکر السیاب» و «نیما یوشیج» ، لتزیدها رونقا و بهاءا. و فی الخاتمة کتبنا عن ظاهرة جدیدة فی کلا الأدبین وهی المزج بین البحور.
خلاصه ماشینی:
المفردات الرئیسیة: شعر التفعیلة، البحور العروضیة، الاتجاه النیمائی، بدر شاکر السیاب، نیما یوشیج المقدمة یبدو أن الناحیة التی عنی بها الناقد العربی والفارسی فی دراساتهما حول قصیدة التفعیلة هی غالبا من ناحیة موضوعاتهما ومعانیهما والصور فیهما.
إن أکثر الشعراء الذین نظموا علی أساس أسلوب قصیدة التفعیلة استعملوا البحور الصافیة، وهذا یعنی أنهم لم یمیلوا إلی الأوزان المرکبة، مثل الطویل، والخفیف، والبسیط ـ إلا قلة نادرة ـ ونذکر هنا البحور الصافیة المستعملة فی قصیدة التفعیلة.
من قصیدة «بدر شاکر السیاب» بعنوان «جیکور وأشجار المدینة» نورد هذه الأبیات (السیاب، 1967م، ص 51): أشجارها دائمة الخضره مستفعلن مفتعلن فع لن کأنها أعمدة من رخام مفاعلن مفتعلن فاعلان لا عری یعروها ولا صفره مستفعلن مستفعلن فع لن ولیلها لا ینام مفاعلن فاعلان یطلع من أقداحه فجره مفتعلن مستفعلن فع لن لکن فی جیکور مستفعلن مفعول للصیف ألوانا کما للشتاء مستفعلن مستفعلن فاعلان وتغرب الشمس کأن السماء مفاعلن مفتعلن فاعلان حقل یمص الماء مستفعلن مفعول ب) المزج بین البحور فی قصیدة التفعیلة العربیة وهذا ما عرف لدی بعض شعراء التجدید فی مصر، وفی مقدمتهم «أبوشادی» فی قصیدته عنوانها «الفنان» التی مزج فیها بین بحور «المتقارب» و « المجتث» و « البسیط».
6. وأخیرا یعتقد بعض الأدباء فی الأدبین الفارسی والعربی بأن اقتصار الشعراء علی بحور أقل عددا من البحور الخلیلیة یعتبر عیبا فادحا للشعر الجدید والشاعر المعاصر؛ لأنه یضیق مجال الإبداع، ویسبب رتوبا مملا فی قصیدة التفعیلة الفارسیة أو العربیة.
النتیجة إن الشاعر فی کلا الأدبین استخدم البحور الصافیة أکثر من البحور المرکبة فی قصائده، ونری أن أوزان قصیدة التفعیلة العربیة علی ثمانیة أبحر غالبا؛ وهی: الوافر، والکامل، والهزج، والرجز، والرمل، والمتقارب، والمتدارک، والسریع.