خلاصه ماشینی:
"وقد تجد کتابا مقسما ـ علی المستوی الورقی ـ إلی فصول وأبواب، ولکنک عندما تتأمل فی وحداته الورقیة تجده یعالج موضوعا واحدا من زاویة واحدة لا یسمح للقارئ بالتقاط أنفاسه بین لحظات الکتاب، وإذا کان الکتاب مترجما، فعلی الناقد أن یلاحظ مدی مراعاة المترجم للترتیب الأصلی للکتاب، فلا یحق للمترجم أن یعدل عن الترتیب الأصلی سواء فی ذلک تقسیم الفصول أو الفقرات، بل حتی علامات الترقیم إلا إذا کان ذلک مبررا ومفیدا، والالتزام بعلامات الترقیم أمر مطلوب فی تحقیق الکتب القدیمة، بل یحق لـه إضافة بعض العناوین الفرعیة شرط أن یمیزها عن النص الأصلی؛ لیعلم القارئ أنها من المصحح والمحقق لا من صاحب النصالأصلی.
فی تقییم تحقیق النصوص ونقدها لا بد من ملاحظة أمرین: أ- النسخة أو النسخ المعتمدة: ـــــــ النسخة المعتمدة فی تحقیق النصوص ترتفع قیمتها العلمیة بحسب قدمها الزمانی، فقد یکتفی بنسخة واحدة للتحقیق عندما لا یتوفر غیرها أو عندما توجد نسخة بخط المؤلف، وفی الحالة الأخیرة قد یستفاد من النسخ المنقولة عن نسخة المؤلف کمستشار لیس إلا، ومن المعروف أن نسخ المؤلف قلیلة جدا فی المخطوطات؛ ولذلک ترتفع القیمة العلمیة للنسخ المنقولة أو صورها الفوتوغرافیة، وعندها لا بد من الرجوع إلی أقدم النسخ المتوفرة، فلو أراد أحدهم تحقیق المثنوی لجلال الدین الرومی من خلال خمس نسخ تعود فی تاریخها إلی القرن العاشر فما بعد، لا یکون إلا کمن یبحر فی الهواء إلا إذا لم تتوفر نسخة أقدم من القرن العاشر، والرجوع إلی النسخ الأقدم هو قانون تجریبی عقلی؛ وذلک أنه کلما اقتربنا من (عصر النص(، کلما قل تدخل ید التحریف الواعی أو غیر الواعی، وکذلک لا بد من معرفة شجرة نسب النسخة التی یعتمدها المحقق لیطلع علی درجة قربها من النسخة الأم، ویشار هنا أیضا إلی أن التاریخ المدون علی النسخة لا یکشف بالضرورة عن تاریخ ولادتها."