چکیده:
اتصل حافظ إبراهيم الملقّب بـ«شاعر النيل» بالشيخ محمد عبده، وتأثر بآرائه في أشعاره؛ وكما كان متأثراً بالشيخ، كذلك تأثر بتلاميذه وبعض أدباء مصر مثل: إسماعيل صبري ومحمود سامي البارودي. تقوم هذه الدراسة بتبيين وجوه تأثيرات الشيخ على أشعار حافظ؛ ولذلك بحثت في مؤلَّفات الشيخ، وديوان شاعر النيل، وقارنت بينهما، وذكرت آراء الشيخ وأشعار حافظ ليرى القارئ هذا التأثير وذاك التأثر. ولإثباته ذُكر بعض الأقوال المتناثرة في الكتب المختلفة، وشُرح بعض الأقوال الموجزة فيها. إنّ هذه التأثيرات تظهر في مجال الحجاب والزكاة والشورى والإصلاح الديني والجهاد والتسامح الديني والتوسل إلى أنبياء الله ( وأوليائه ( وزيارة أضرحتهم. إنّه في هذه المجالات يردّد نغمات الشيخ، ويؤكد على آراء الشيخ في الحجاب، فيدعو إلى ترك النقاب، ويرى أنه ليس من المشروعات الإسلامية. كما يريد من الأغنياء أن يساعدوا البؤساء بأموالهم؛ لأن للبؤساء حقّاً في أموالهم. كذلك يعتبر الزكاة من أهم أركان الإسلام، وأيضاً ينوّه بالشورى، ويعلّل قوة الإنجليزيين لقيامهم بالشورى والتعاون فيما بينهم. كذلك يمدح محمد عبده لما قام به من تنزيه الدين من الخرافات والأوهام.كان حافظ إبراهيم مستنكراً ما يتعارض مع الدين من البدع والعادات والضلالات، ويطلب من الشيخ أن ينقذ النفوس الضّالّة. إنّه يدعو أبناء شعبه إلى الجهاد مع المحتلّين بما يملكون، ويرى أنّ الإسلام دين يدعو إلى الوحدة، ويرضى بمجاورة المسلمين مع المخالفين في العقيدة؛ ولذلك يريد من المسلمين والمسيحيين أن يتّحدوا.
خلاصه ماشینی:
وله قصیدة أنشدها فی سنة 1911م لملجإ رعایة الطفل، وقال فیها منوها بفضل الزکاة : وعلمنـا أن الزکـاة سبیل الـ ـللـه قبل الصلــوة قبــل الصیام خصهـا الله فی الکتاب بذکر فهی رکن الأرکان فی الإسلام لو وفی بالزکاة من جمع الدنـ ـیا وأهوی علــی اقتنـاء الحطام ما شکا الجوع معدم أو تصدی لرکــوب الشــرور والآثام (حافظ إبراهیم ،1987م، ص 287) فتری حافظا فی هذه الأبیات کیف ینظر إلی الزکاة من منظر إسلامی، وتجده کالشیخ محمد عبده یؤکد علی أن الزکاة رکن من أرکان الإسلام، ویقول عن اقترانها بالصلاة فی النصوص الدینیة.
إنه کان یستنکر ما یتعارض مع الدین من خلق وعادات وتقالید وضلالات و یشید بالقیم الدینیة الصحیحة، وبیان محاسنها، والدعوة إلی الأخذ بها علی مستوی الفرد والجماعة، ویهاجم بشدة علی کثیر من البدع والضلالات،و یستصرخ الإمام محمد عبده أن ینقذ هذه النفوس المنحرفة، ویطهرها من هذا الضلال؛فیقول: إمام الهدی إنی أری القوم أبدعـوا لهم بدعا عنهـا الشـریعة تعزف فأنت بهـم کالشمس بالبحر إنهـا ترد الأجــاج الملح عذبا فیرشف رأیتک فی الإفتاء لا تغضب الحجا کأنک فـی الإفتاء والعلم یوسف فأنت لـهـا إن قــام فــی الشرق مرجف و أنت لها إن قام فی الغرب مرجف (حافظ إبراهیم،1987م،ص 22ــ23) ویمدح الشیخ لجهوده فی هدایة الناس إلی الصواب، وإلی سبیل الإسلام الصحیح، ولأعماله فی صحیفة المنار؛ إذ یقول: أنت علمتنا الرجوع إلی الحقـ ق ورد الأمـــور للأسباب ثم أشرقت فـی (المنار) علینا بین نور الهدی ونور الصـواب فقرأنا علــی ضیائک فیه کلمــات المهیمـن الوهاب و سکنا إلی الذی أنزل اللـ ـه وکنا مـن قبله فی ارتیاب (المصدر نفسه،ص 25) إن حافظا أوقع أنغاما کثیرة علی قیثارة أشعاره فی مجال القیم الدینیة.
یقول شوقی ضیف: إن أقوی هذه النغمات التی کان یوقعها علی قیثارته أو علی هذا الوتر الإسلامی أشعاره فی الشیخ محمد عبده ؛ وکان لذلک أثر عمیق فی نفس حافظ.