خلاصة:
يمکن أن نعد الموقف الديني وجهـا لبنيـة الشخصـية الاجتماعيـة ؛ فللـدين فـي البيئـة الشعبية مظهر شديد التميز أحادي النطاق ، فيه دين خالص [وهو الشرائع المستندة إلـي النصوص الدينية ، والعبادات ]، وفيه مدخلات اجتماعيـة [الخرافات والأسـاطير والعـادات ]، ولذوبان الشقين في نطاق مظهري واحد مشترک، استطاعت تلک الخاصـية الاجتماعيـة أن تکتسب مظهرها المميز، وقد اتفقت تلک البيئة علي تسـمية مزيجهـا الجديـد باسـم التصوف ، وإن کان مجرد قناع بيئي وجداني ، وههنا نرصد حرکة القناع الوجداني في أدب يحيي حقي ، لا نبحث عن جوهر العقيدة ، وإنما مظهرها فـي الحيـاة الاجتماعيـة ، وصـور التعبير الاجتماعي عنها.
ملخص الجهاز:
"٥. ١٥ الملخص یمکن أن نعد الموقف الدینی وجهـا لبنیـة الشخصـیة الاجتماعیـة ؛ فللـدین فـی البیئـة الشعبیة مظهر شدید التمیز أحادی النطاق ، فیه دین خالص [وهو الشرائع المستندة إلـی النصوص الدینیة ، والعبادات ]، وفیه مدخلات اجتماعیـة [الخرافات والأسـاطیر والعـادات ]، ولذوبان الشقین فی نطاق مظهری واحد مشترک، استطاعت تلک الخاصـیة الاجتماعیـة أن تکتسب مظهرها الممیز، وقد اتفقت تلک البیئة علی تسـمیة مزیجهـا الجدیـد باسـم التصوف ، وإن کان مجرد قناع بیئی وجدانی ، وههنا نرصد حرکة القناع الوجدانی فی أدب یحیی حقی ، لا نبحث عن جوهر العقیدة ، وإنما مظهرها فـی الحیـاة الاجتماعیـة ، وصـور التعبیر الاجتماعی عنها.
ولم یکن حقی سطحیا فی ذلک؛ بل غاص إلی أعماق المجتمع لیکشـف عـن الأسـرار الخاصة ، والخالصة فی تکوین الخصائص الاجتماعیة لبیئات مصر التی عایشها فـی الصـعید أو الدلتا أو القاهرة ـ"البیئة الأم " بالنسبة له ـ فقد رکز تصویره لتلک المعایشات ، جغرافیا، حول محورین رئیسین ؛ أولهما: القریة المصریة ؛ فی الصعید بخاصة ؛ وثانیهما: حی السـیدة زینب الشعبی ؛ لأنه أخلص ـ أیما إخلاص ـ لهذه البیئات ؛ إذ ظل مخلصا مغرما بهـا حتـی فی مغترب عمله دیبلوماسیا خارج مصر؛ فیذکر أنه کتب معظـم کتاباتـه عـن الصـعید، أو البیئات الشعبیة الأخری ، وهو خارج مصر، وقد بدا واضحا هذا الأمر، الذی أفاد فـی الوقـت نفسه الکاتب ؛ إذ أتیح له الرصد المستوعب ، من الخـارج ، فـی الوقـت الـذی یحـتفظ فیـه بتشکیل حیادی حر ودقیق للبنیة الداخلیة للبیئة التی یعرض لها، دون الخضوع لسـیطرة الانفعال الوقتی ، وهو أمر عاد علی أدبه بخصیصة تکاد تتلاشی عند غیـره مـن الکتـاب ، إذ أتیح له الاندماج فی البیئة ، ثم التسامی علیها، ورؤیتها من الخـارج ؛ فلمـس سـر ترکیبهـا الداخلی وبواطنه فی حیادیة المتأمل ، ثم أحاط بکیانهـا الهیکلـی ، ووجهـة نظـر الکیانـات المجاورة لها."