ملخص الجهاز:
"فی الرد علی نظریة صراع الحضارات،یمکن القول باحتمال ان تتقدم حضارة علی اخری بهذا الجانب أو ذلک،و تکون ببعض جوانبها افضل للمجتمع فی ضوء ظروفه و احتیاجاته و مصالحه،و لکن القول بافضلیة حضارة علی اخری هو قول متهالک،فمن یستطیع اثبات ان هذه الحضارة الفضل من تلک أو اغزر ثقافة أو حکمة و انسانیة و تسامحا،و لا یوجد فی الواقع ای معیار نقیس به هذه الافضلیة؟هذا من جهة،و من جهة اخری کیف یمکن الاقتناع بان العلاقة بین الحضارات کانت علاقة صراع لا حوار،و ان انتصار حضارة فی هذا الصراع هو انتصار ابدی،و هل هناک و المشارکة فی الحضارة و احترام الآخر و حقوق الانسان و الشعوب و ثقافاتها و تقالیدها و قیمها الروحیة و المادیة و تجاربها و منجزاتها و خیراتها؟.
ان تشکل الحضارة الاسلامیة لا یخرج فی الواقع عن هذا الاطار،فقد حمل العرب قیم الاسلام العلیا و بدأوا بنشرها فی محیطهم،ثم فی بلدان الجوار،و بدأت عملیة التفاعل بین حضارات الشعوب التی اسلمت من خلال حوار الحضارات العربیة و الفارسیة و الهندیة و حضارات شعوب آسیا الوسطی و شمال افریقیا و الحضارة الاوربیة فیما بعد،و کانت محصلة هذا التفاعل و ذلک الحوار قیام حضارة اسلامیة جدیدة تعتمد مکوناتها علی مکونات حضارات الشعوب التی دخلت الاسلام فی اطار القیم الاسلامیة العلیا،و قد اغتنت الحضارة الشعوب التی دخلت الاسلام فی اطار القیم الاسلامیة العلیا،و قد اعتنت الحضارة الاسلامیة بهذه الحضارات و تطورت و استکملت اطارها و اسسها و تشکیلها،و ساهمت جدیا و بشکل عمیق فی بناء الحضارة الانسانیة،و لو دمرت الحضارة العربیة الحضارة الفارسیة و دمرت هذه الحضارات الآسیویة و استمرت سلسلة التدمیر مع انتشار الاسلام لما بلغت الحضارة الاسلامیة الموقع الذی بلغته،و لما بقی منها إلا مجموعة من قیم الاسلام تستند الی طقوس و بناء هش و حضارة فقیرة ضعیفة فی تکوینها و فی تأدیة مهماتها الانسانیة."