ملخص الجهاز:
فالإيمان إذاً هو العنصر الفاعل والباعث الحقيقي نحو متعلقاته، هو الإكسير الذي أسر حياة الشهداء يوم عاشوراء وحياة سيّدهم الحسين بن عليّ سلام الله عليه وجعله يردّد وهو في أشدّ اللحظات صعوبة وقسوة عليه -وذلك حين استشهاد طفله الرضيع مذبوحاً على صدره-: >هوّن ما نزل بي أنّه بعين الله وإن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى<، كلمات قليلة ولكنّها ذات معان سامية وتختصر رحلةً امتدّت ثمانية وخمسين عاماً هي سنين عمره الشريف، كلمات تمثّل حالة الفناء في الله بحيث لا يعود للنفس والمال والولد من قيمة تذكر في جنب الله، فما دام الله هو الآمر وهو الآخذ لا يعود لشيء كبر أم صغر أهمية تذكر وهكذا حتى لحظات استشهاده علیه السلام كان لسان حاله يقول: {مراجعه شود به فایل جدول الحاقی} حال أنصار الحسين: وأما أنصاره وأهل بيته الذين شاركوه في ثورته فقد كانوا على قدر كبير من الوعي والبصيرة بالظرف التأريخي الذي يعيشونه وعلى معرفة تامّة بأنّ الحسين علیه السلام يمثّل الامتداد الطبيعي لرسول الله صلی الله علیه و آله وأنّ الفلاح كلّ الفلاح هو في الوقوف معه ومؤازرته ولو أدى ذلك للاستشهاد بين يديه.
ونحن عندما نقف على أحوالهم ومواقفهم في ذلك اليوم العصيب قد نتصور مبررات كثيرة لكي يقف العباس بن علي وأخوته من أمّ البنين عبدالله وعثمان وجعفر هذه المواقف المشرّفة وفق قياس الأخوّة والدم وهكذا لباقي إخوة الحسين الذين استشهدوا معه في كربلاء فقد ذكرت المصادر التأريخية( 184 ) أنّ للحسين أخوين أخرين استشهدا معه وهم أبوبكر بن علي ومحمد بن علي الملقّب بالأصغر وهكذا نجد المبررات لمواقف علي الأكبر والقاسم وأخوته وكذلك بني عقيل وأبناء عبدالله بن جعفر، ولكن ما هي مبررات الموقف الذي اتخذه زهير بن القين الذي تمنّى القتل دون الحسين علیه السلام ولو تكرر ألف مرّة!