ملخص الجهاز:
"الفرضیة الثالثة إن هیمنة الولایات المتحدة فی فترة ما بعد الحرب کانت ترتکز علی النظم العسکریة التی توصلت من خلال تهدیدها بفزاعة الخطر الشیوعی إلی تلافی تطور کان بإمکانه أن یضع حدا للهیمنة الأمریکیة،المتمثل فی تقارب أوروبا و روسیا و حتی ما وراء الصین.
فالخطابات الرنانة التی ألقیت بمناسبة حرب الخلیج و التی کانت ضد استخدام الأسلحة الکیمیائیة،و قبلها الحملات التی شنت ضد لیبیا(و الهجوم الجوی علی هذا البلد فی وقت السلم دون أن یولد أیة ردة فعل تذکر لدی الرأی العام)،بالإضافة إلی دعم تسلح اسرائیل النووی و«فضح»الخطر الذی قد تشکله المساعدة الصینیة التی تسمح للجزائر بأن تقتنی بدورها وسائل دفاعیة،تدخل جمیعها فی فصل خیار مجموعة القوی الغربیة المعادی للعالم الثالث.
لذلک نجد أن تدخلات واشنطن فی العالم الثالث لا تعد و لا تحصی: فما من منطقة أو حتی مجرد بلد فی أمریکا و فی افریقیا و فی آسیا إلا تدخلت الولایات المتحدة فی تدمیره،و ذلک إما بإثارتها انقلابا ما،أو بممارسة ضغوطات اقتصادیة و مالیة(عبر المؤسسات الدولیة التی تدیرها وفق استراتیجیا الهیمنة-البنک الدولی و صندوق النقد الدولی)،أو بتدخلاتها العسکریة المباشرة أو غیر المباشرة.
و قد توصل النظام إلی فرض سلطة فعلیة فوق الدول(نواة الحکم العالمی)قادرة علی ادارة التحدیات الجدیدة التی یواجهها هذا النظام،فلا تقاسم الهیمنة بین الولایات المتحدة و أوروبا و الیابان (Shared hegemony) ،و لا منظمة الأمم المتحدة استطاعا الرد کما یجب علی التحدی.
و لکن لکم یبدو نظامنا السیاسی و الثقافی مجردا تجاه هذا التحدی!أولیست العجرفة الأمریکیة فی مؤتمر ریو (1992)دلیلا قاطعا علی هذا؟ 2-لقد و لجت الدول المحیطة بالنظام الرأسمالی عصر التصنیع،و ذلک بعد حصولها علی استقلالها و إن بطریقة غیر متساویة،فتصنیع العالم الثالث لا یضع حدا للاستقطاب،بل ینقل آلیته و أشکاله إلی مخططات أخری،مفروضة من قبل الاحتکارات المالیة و التقانیة و الثقافیة و العسکریة التی تستفید منها المدن الرئیسیة."