ملخص الجهاز:
"ثانیا:التأصیل الإسلامی فی قیم الثقافة الحضریة فی الوطن العربی للتحضر دلالات حضریة،و حضاریة،و دینیة، و اجتماعیة،و أخری اقتصادیة،هذه الدلالات طبعت الحیاة الحضریة بصفات و خصائص تمیزها عن سواها من الریف و البادیة،و فی الوقت نفسه تعطی انعکاسا ممیزا علی مستوی مجتمعات الأرض و أممها،فهناک المدینة العربیة و المدینة الأوربیة و المدینة الأمریکیة و هکذا.
و لغرض مقاومة هذا التیار،و لکی یحافظ التحضر العربی الحدیث علی أصالته،یتطلب الحذر الشدید من الانغماس و الاندفاع فی التعامل مع صیغ التحضر الغربی الدخیل،و الانجرار وراء ما تملیه قیمه الثقافیة،و محاولة وضع مفهوم التقدم و التطور الحضری کإطار معیاری للتحول الاجتماعی و الوعی الثقافی بمقتضیات اللحظة الراهنة فی مقابل ماض یستوجب الانفصال عنه،و فی اتجاه مستقبل یجب تحقیقه،و بهذا التصور الذی یکشف للتاریخ البشری عن مسار العقل الإنسانی،الذی یتبع خطا یضمن له التحول نحو الحداثة و التطور و المعرفة،و محتفظا فی الوقت نفسه بأصالة القیم و جوهرها.
تجدر الإشارة إلی أن الدول العربیة شهدت فی العقود الأخیرة من هذا القرن ظاهرة النمو المتسارع لمدنها الرئیسة،سکانا،و عمرانا،و بخاصة عواصمها التی تشکل مناطق جذب رئیسة،الأمر الذی زاد من المشکلات و التعقیدات الاجتماعیة و الحضاریة،التی تعانی منها الدول العربیة19،و هذا یضع بالحسبان ضرورة معالجة هذه المشکلات بوصفها أسسا أولیة لأی مبادرة إصلاحیة علی مستوی الأصعدة الأخری،بما فی ذلک القیم الثقافیة للمجتمع الحضری.
و تطلب ذلک دراسة الخصائص العامة للمدن العربیة فی المقام الأول،ثم تحلیل جوهر الأصالة الإسلامیة لقیم المجتمع الثقافیة ثانیا،و تفسیر القیم الثقافیة و الأسباب الموجبة لهذا التغیر ثالثا،ثم تأکید حقیقة الغزو الثقافی الأجنبی من حیث إنه اختراق قسری أو انجذاب یرتکز علی وهن و تراجع عربی رابعا،و وضع الباحث فی المقام الأخیر الطرق الملائمة لحمایة قیمنا الثقافیة فی وجه الغزو الخارجی."