ملخص الجهاز:
"و إذا عدنا إلی قضیة عیوب البیان عند المرأة نجد نصوصا أخری لا تفارق هذه الرؤیة،فهو بعد حدیثه عن مساویء اللحن عند الرجال،یورد قول: «بعض الشعراء فی أم ولد له یذکر لکنتها: أکثر ما أسمع منها فی السحر تذکیرها الأنثی و تأنیث الذکر و السوأة السوآء فی ذکر القمر لأنها إذا أرادت أن تقول القمر قالت: الکمر»(1:14؛انظر،1:29،721) (لعل هذا الشاعر فحل لا تاجر،فهو لم یختبر هذه الجاریة حین ابتاعها کما یفعل النخاس المجرب).
و لئن أصطلح الضبی مع امرأته فإن الجاحظ یسدل الستار علی هذه المأساة الضاحکة بإرسال العائلة برمتها و الموضوع کله إلی الحیوان محاولا بذلک ستر و حجب لا بیان الأنثی و حسب،و إنما حقیقة أن البیان أمر مکتسب یقوم علی الدربة و المران،و ما منع المرأة من أصوله و سبله إلا برنامج مقنن،البرنامج نفسه الذی یجعل الجاحظ یستشهد بجعفر بن یحیی و یحبس توقیعات أمه: «قال ذکرت لعمرو بن مسعدة توقیعات جعفر بن یحیی،قال:قد قرأت لأم جعفر توقیعات فی حواشی الکتب و أسافلها فوجدتها أجود اختصارا و أجمع للمعانی»(1:95).
و لعل ما یؤکد حرمان المرأة من البیان بل خطورته علیها،حادثة یتیمة یوردها الجاحظ و بعضها موضع التبجیل،و لا یربطها کما حدث مع غیرها بالفحولة الجنسیة،لکنها الحادثة الوحیدة التی تشیر بوضوح إلی أن البیان لیس مقصورا علی الفحول؛فما تظنهم یفعلون و قد أدرکوا هذه الحقیقة التی طال حبس الجاحظ لها؟ فإذا استرجعنا إرسال الضبی و امرأته و ابنته إلی الحیوان بعدما رفعت تهمة العی عنها شعرا،لا شک أننا سنتوقع عملیة مشابهة هنا؛لکن آمالنا تخیب و طموحات المرأة تحبط: «قال:و قامت امرأة من تغلب إلی الحجاف بن حکیم-حین أوقع بالبشر فقتل الرجال و النساء-فقالت له:فض الله فاک."