ملخص الجهاز:
"غیر أن حکومات الدول الأعضاء فی المنظمات الدولیة لیست دائما و بالضرورة حکومات شرعیة وصلت إلی السلطة عن طریق الاقتراع الحر،أو أن النظم السیاسیة السائدة فیها تقوم علی مؤسسات دیمقراطیة تراعی مبدأ الفصل بین السلطات،أو تضمن التوازن و الرقابة فی ما بینها،أو تحرص علی اعتبارات الشفافیة و المحاسبیة.
فشبکة المنظمات العربیة المتخصصة التی أنشأتها جامعة الدول العربیة فی مرحلة تالیة جاءت تقلیدا للنموذج الذی استحدثته الأمم المتحدة فی هذا الشأن،کما أن إبرام اتفاقیة الوحدة الاقتصادیة العربیة،و ما ترتب علیها من إنشاء کیان مؤسسی مستقل یعرف باسم مجلس الوحدة الاقتصادیة العربیة،جاء کرد فعل عربی علی قیام السوق الأوروبیة المشترکة..
إذ تضم هذه الهیاکل:شکبة هائلة من المنظمات العربیة المتخصصة یفترض أنها أقیمت علی نمط الوکالات المتخصصة التابعة لأمم المتحدة،و آلیة للأمن الجماعی العربی تجسدها اتفاقیة الدفاع المشترک،و یفترض أنها تعمل وفقا للضوابط المؤسسیة و التنظیمیة اللازمة لإقامة نظم الأمن الجماعی أو الأحلاف الدفاعیة العسکریة،و آلیة للتکامل و الاندماج الاقتصادی تجسدها اتفاقیة الوحدة الاقتصادیة العربیة،و یفترض أنها تعکس تصورا نظریا و عملیا لمراحل تحقیق هذا الاندماج و أدواته.
إذا ما نظرنا أخیرا إلی الطریقة التی تعامل بها النظام العربی مع قضیة التکامل و الاندماج الاقتصادی،فسوف نجد أن هذه الطریقة لم تراع أیضا،أی شیء من القواعد و الضوابط المؤسسیة الکفیلة بتحقیق أی تقدم یذکر علی هذا الصعید.
ثالثا:تجربة التکامل العربیة فی مرآة التجربة الأوروبیة تمیزت البنیة المؤسسیة للتجربة الأوروبیة بعدد من الخصائص،أضفی توافرها طابعا فریدا علی هیاکل صنع القرار و عملیته،بالمقارنة مع کافة التجارب التکاملیة الأخری،بما فیها التجربة العربیة: أولی هذه الخصائص،تکمن فی تمتع مؤسسات الاتحاد الأوروبی،کل فی میادین و مجالدات فنیة أو سیاسیة محددة،بسلطات حقیقیة فی مواجهة الدول الأعضاء."