ملخص الجهاز:
"ان آیة أول السورة بعد أن وسعت فی الزواج ذلک التوسیع التقریعی الجزاف الذی لا تحدید فیه قالت: فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملکت إیمانکم؛ و آیة آخر السورة تقول: و لن تستطیعوا أن تعدلوا بین النساء و لو حرصتم، و لفظ (العدل)وارد فی الآیتین بحروفه،فلا یمکن أن یکون معناه فیهما إلا واحدا علی حقیقته الشاملة المادیات ثم المعنویات العاطفیة جمیعا و لقد فهمت أن الآیتین متکاملتان و أن أولاهما إذا کانت أوجبت علی من یخاف عدم العدل بین زوجاته أن یقتصر علی واحدة،فان الثانیة إذ قررت أن هذا العدل غیر مستطاع مهما حرص الإنسان علیه، فقد أکدت بهذا أن الخوف حقیقة واقعة،محالة؛فکان تحریم تعدد الزوجات تأکیدها هذا أدعی إلی الاقتصار علی واحدة و أوجب له وجوبا لا انفکاک منه.
و الأطفال الذین یهملون،و البیوت التی تخرب،و العرب الواجب تألیف قلوبهم لا تنفیرهم، فیجعل تشریعه للمستقبل و یتساهل فی الماضی و فی أثر النکاح القائم و یترکه یزول بطبع بعد قلیل من الزمن، شأن کل تشریع سلیم یرضاه العقل و یطبقه الاجتماع؟یبدو لی أن هذا هو الواقع،و أن المسلمین هلعوا و جأروا هم و النبی إلی الله متملمین من هذه المحنة،فلطف الله بهم فبین مراده بأن أنزل قوله: فلا تمیلوا کل المیل فتذروها کالمعلقة لا تنظیما للمستقبل الأبدی کما یقولون، بل تنظیما للحالة الوقتیة الناشئة عن ذلک المحنة التی وجدها المسلمون حائقة بهم، و هی حالة الزوجات المتعددات الموجدات فعلا عند نزول هذا القول،و ذلک بأن یراعی العدل بین الزوجات المذکورات بقدر الاستطاعة و بأن لا محل لمفارقتهن و عدم الإبقاء إلا علی واحدة منهن بسبب خوف عدم العدل."