Abstract:
لوسائل الاعلام دور حیاتی فی بناء المجتمع المسلم المعاصر، فهی شریک استراتیجی فی بثّ الوعی ونشر القیم الاسلامیة، ومن هذا
المنطلق تبرز اهمّیة استثمار هذه الوسیلة الفعالة لصالح توعیة المجتمع. وتعدّ اللغة العربیة واحدة من اهمّ القضایا التی اضحت تطرح بحدّة فی
العالم العربی بالنظر للوهن الّذی اصابها لاسیما فی ظلّ العولمة وتداعیاتها علی المجتمعات العربیة. ومن ثمّ کان لابدّ من استغلال امثل
لوسائل الاعلام لاجل تدارک هذا الضعف وانقاذ العربیة من کلّ ما یواجهها من تحدّیات.
وعلیه فیهدف البحث بالمنهج الوصفی التحلیلی الی متابعة وتحلیل دور وسائل الاعلام الجزائریة فی ترقیة ونشر اللغة العربیة واهمّ
الصعوبات الّتی تعترضها انطلاقا من ماضی الجزائر وحاضرها الثقافی.
وقد استخدمنا فی هذه الدراسة مجموع بیانات ومعلومات تمکّننا من تحلیل الظاهرة واخضاعها للدراسة الدقیقة. ولاجل جمع هذه البیانات
استعنّا باستبیانات وقمنا بمقابلات مع فئات مختلفة من المجتمع کما اجرینا سبرا للآراء. امّا مجتمع الدراسة فیختلف باختلاف الادوات
المستعملة؛ حیث شملت المقابلات نخبة من الاعلامیین والمثقفین )اساتذة، طلبة واطارات( کما شملت مجموعة من المستمعین غیر المثقفین. امّا
الاستبیانات فقد وجّهناها للعاملین بالمحطّة الاذاعیة لولایة تلمسان؛ 1 قسم الادارة والاشهار 2 قسم الاخبار 3 قسم الانتاج.
وقد مکّننا البحث من الوقوف عند واقع اللغة العربیة فی الجزائر، ودور الاعلام المحدود فی نشرها. واقع یوکّد ان اللغة العربیة تعیش
ازمة حقیقیة، ما یستدعی التفکیر الجدی فی آلیات عملیة للنهوض بها، وکذا استغلال الرسالة الاعلامیة بما یخدمها ویساهم فی الارتقاء بها.
Machine summary:
"ولأجل تدارک الوضع والقضاء علی المعضلة لابد من تخطیط سلیم ومدروس وممنهج للارتقاء بالمستوی اللغوی للجماهیر ولن یکون ذلک إلا عن طریق إعلام متکامل وفاعل، فما السبیل إلی تحقیق ذلک؟ إن عملیة الإنماء اللغوی تتطلب فرض رقابة مستمرة تضمن للغة العربیة ما یقیها من التحریف وتجعلها دائما علی مستوی الرقی الفکری فی کل جیل من الأجیال (سالم، 2001، ص 20)، إذ لابد لوسائل الإعلام أن تحسن اختیار اللفظ والعبارة وتراعی الکلمات الصحیحة التی یسهل علی الجماهیر استیعابها وفهم مقاصدها، والابتعاد عن الألفاظ الوضعیة الغربیة غیر المألوفة وعدم التکلف فی صیاغة النصوص الإعلامیة ومراعاة مستوی إفهام هذه الجماهیر حتی یقبلوا علی اللغة العربیة الصحیحة ولا ینفروا منها، وفی الوقت نفسه الابتعاد عن الألفاظ المبتذلة وکذا الإسفاف واختیار الکلمات الهابطة لعرض المعانی، بهدف الارتقاء بمستوی الجماهیر ورفع مستویاتهم اللغویة وملکاتهم الفکریة.
وهو طرح ینافی الحقیقة مثلما یؤکد المستشرق الألمانی هورنباج الذی یری أن "اللغة العربیة لیست ضعیفة البتة ـ کما یدعی العرب وغیر العرب ـ ولا عاجزة عن مواکبة عصر التقنیات، فالتاریخ یرشدنا إلی أن اللغة العربیة کانت لغة لأکثر من ثلث سکان المعمورة ولم تکن فقط لغة شعر أو نثر" (القول لهورنباج نقلا عن صفوان المقدسی، 1976م، ص6)، إن هذه الأزمة تدعونا إلی التفکیر بجدیة فی آلیات عملیة للنهوض باللغة العربیة لتصبح قادرة علی الوفاء بحاجات أهلها بما یوافق مستحدثات الحیاة الجدیدة، ولن یکون ذلک إلا من خلال دفعها باتجاه التحرر من آثار عصور الانحطاط من جهة ومن التقلید الأجنبی والعجمة الجدیدة التی أورثنا إیاها عصر الاستعمار والنفوذ الأجنبی من جهة أخری."