Abstract:
غالبا ما تتكون الاسطورة من معتقدات وأفكار ليست بالضرورة أنها أصلية وصحيحة ولكن طرق تماشيها مع الواقع وتحكمها في المستجدات الكبرى للحياة و للعالم يجعلها في واقع الإمكان والتحقق صحيحة لها القدرة في الوقت نفسه على امتلاك منابر الاجتماع و السياسة وصناعة القرار،وتغيير مواقع القوى على الفكر و الأرض لحسم المعركة الكبرى التي تنبأ بنهاية التاريخ في يد من يمتلك أسرار النبوءات ويعرف إدارة الأحداث وصناعة المخيال التي روجت له الكتابات الدينية وثقافات الشعوب خاصة الغربية التي دخلت في تنافس حتمي لحسم النهايات الأخيرة للعالم،ليصبح الهوس القيامي البعد العقدي في هيكلة استراتيجيات هذا الغرب برا وبحرا وجوا،وقد تداخلت البنى الفلسفية للنبوءات مع التخطيطيات الإمبريالية للتحكم في العالم،حيث صنعت من الحروب وسياسات الضغط اللعبة الكبرى في حسم المعركة الآخيرة التي ستقود الأمم انطلاقا من تناقضات هرمجدون،و إلى فلسفة عبور جديد من الدجلة و الفرات،إلى توظيف الأحداث وصناعتها من سفر الرؤيا مباشرة،إلى خلق دواعش أخرى تتحكم في الحدود و الجغرافيات وتصنع الأقطار وتتحكم في قرارات الأمم و الدول،لتكون النتيجة عسكرية بامتياز،وهي عسكرة العالم لأجل محاربة الوحش و النبي الكذاب الذي سيحاربه مسيحهم المنتظر،و السؤال الذي يمكن طرحه في خضم هذا البحث كالتالي:كيف صنعت النبوءات العوالم وحددت الجغرافيات،إذا ما نظرنا إلى تكهن فوكوياما في نظريته نهاية التاريخ وخاتم البشر؟ ما الأثر الذي تركته النبوءات على السياسات وتطبيقاتها العسكرية الكبرى من خلال الحروب الحالية على سوريا وفلسطين و العراق من جهة،والتهديدات التي توجهها الإدارة المركزية الإمبريالية في العالم لإيران؟
Machine summary:
قد أخذت الأسطورة مجالها التعریفی من الخلفیات العقائدیة الکبری من الإیمان بهدف تحقیق عقد ملکیة العالم،وکان لکل نوع من البشر علی هذا الأرض مشروطیاتها فی نوع هذه الملکیة لتنطلق فی تحدید أطرها من خلال تکرر فضاعات العدوان من طرف صانعی الحروب و المآسی و الکوارث البشریة،من ثم فإن العودة إلی الأسطورة والاتکاء علیها فی تحقیق آمال المستقبل یقتضی وجود فلسفة علی طراز ما عنونه نیتشه بوجود الإنسان سوبرمان، الذی سیحقق هذه التنبؤات، بتحدید مستقبل البشریة جمعاء کما تعد کوسیلة لتوجیه الأحداث والسیطرة علی بنیة المجتمع، فی ا الإطار کتبت غریس هالسل مخطوطا بعنوان النبوءة و السیاسة بینت فیه مدی التواطؤ السیاسی فی استغلال النبوءات و التصدیق المطلق بها عن طریق مناحی عقلیة کثیرة،وقد شکلت هذه الأساطیر أو ما یطلق علبها أحیانا بالتنبؤات من وجهة النظر الغربیة،لیسارع الکثیر من السیاسیین ورجال الدین لحسم أحداث العالم ومتغیراته وفقا لهذه الأساطیر،کما أعطی لها الکثیر من التقدیس و التصدیق بالنظر إلی التنافس فی " تحدید زمنی للأحداث النهایة،وتحدید عمر الأمم،وساعد علی انتشار تلک الأفکار قیام الولایات المتحدة بإعادة احتلال بعض البلدان الإسلامیة والعربیة کما حدث فی أفغانستان و العراق وقیام حلیفتها إسرائیل باحتلال لبنان".
5 إن إشکالیة النظر فی محتوی الکتاب المقدس،یعکس بالضرورة تلک الصدامات التی سجلتها الأحداث القدیمة و المعاصرة فی امتلاک العالم من جنس أقدس واحد وهو شعب الله المختار علی حسب ما تشیر إلیه هذه الأسطورة المستندة علی مبدأ التفوق العرقی و لغة المختاریه لجنس محدد من البشر، یجعل من التوجهات الدینیة فی الأسفار أن تضع کل العالم علی محک الصدام و التوتر و الحرب الدائمة التی ستعجل فی نظر هذه الرؤیة ان تنهی التاریخ إلی مکانها المقدس ولغته الأسطوریة،لم تنأی هذه الأحادیث و الأحاجی من رهانات السیاسات میرسیا إلیاد: (البحث عن التاریخ و المعنی فی الدین)،ترجمة:سعود المولی،المنظمة العربیة للترجمة، بیروت، لبنان، ط1، کانون الأول (دیسمبر)،2007م،ص191،192.