Abstract:
فی هذا البحث تناول الکاتب تحقیق الحال فی (قاعدة العدل والإنصاف)؛ لأهمیتها وکثرة الموارد التی یُحتمل أن تطبّق فیها –فیما لو تمّت- مضافاً لعدم استیعاب کتب الأعلام لها إلا بشکل مختصر، وقد بحثها فی خمس نقاط:
أولا: السیر التاریخی فی البحث عن القاعدة. وثانیاً: الموارد التی أُشیر فیها لقاعدة العدل والإنصاف فی کتب الأعلام@. وثالثاً: ما هو معنی قاعدة العدل والإنصاف؟ حیث أورد ثلاثة معانٍ، واختار الأول منها لیکون مداراً للبحث. ورابعاً: ذکر الأقوال فی المسألة: فبعض ذهب إلی إنکار القاعدة، وبعض قائلٌ بها. وخامساً: ساق الأدلة علی قاعدة العدل والإنصاف، وهی خمسة أدلة: (العقل) و (المرتکز العقلائی) و (الروایات) و (الاستقراء) و (الآیات). وقد بیَّن وجه الاستدلال بکلّ دلیلٍ من هذه الأدلة، وأعقبها بمناقشة من جهة سندیة ودلالیة. وقد انتهی الکاتب إلی أن جمیع هذه الأدلة غیر ناهضة علی إثبات هذه القاعدة، بل هی قائمة علی جریان قاعدة القرعة فی ذات الموارد التی أُشیر إلیها فی طیّات البحث.
Machine summary:
* الموارد في الكتب الأصولية: المورد الأول: في بحث القطع؛ حيث بحث الأعلام في أنه هل تحرم المخالفة القطعية للعلم الإجمالي أم لا؟ فأشار الشيخ الأعظم قدس سره في (الرسائل ج١ ص٨٠) إلى أن هناك عدّة موارد فقهية قد رخّص الشارع في المخالفة القطعية فيها، ومن هذه الموارد ما دلت عليه رواية السكوني التي وردت في الودعي الذي تلف عنده دينار من الوديعة وتردد صاحب الدينار بين شخصين حيث دلت الرواية على أنه ينصّف الدينار بين المودعين، فهنا ذكر بعض الأعلام رضر الله عنهم بأن هذا التنصيف ناشئ من قاعدة العدل والإنصاف.
المعنى الثالث: المعنى العام الواسع بما يشمل الأموال والحقوق وجميع التشريعات والأحكام الإلهية؛ فالمقصود بقاعدة العدل والإنصاف: هو أن جميع التشريعات الإلهية والأحكام السماوية عادلة ليس فيها جور أو ظلم، وأنها جميعاً متوافقة مع قانون العدالة والإنصاف، ولعلّ إلى هذا المعنى الثالث يشير السيد السيستاني= في بحث قاعدة لا ضرر بقوله: "والظاهر أنه لا ينبغي الإشكال في أصل القاعدة كما دلت عليه الآيات الشريفة كقوله: {وإذا حكمتم بين الناس إن تحكموا بالعدل} وقوله: {وأُمرت لأعدل بينكم} إلا أن البحث يقع في أساسه وضابطه الكلي"( )، فإن الاستشهاد بالآيات القرآنية على هذه القاعدة، يناسب المعنى العام الشامل لجميع التشريعات والأحكام، لا خصوص المعنيين الأول والثاني، فلاحظ.
النقطة الرابعة: قول الأعلام في القاعدة: ينبغي أن يكون من الواضحات بأن القاعدة بالمعنى الثالث متفق عليها؛ حيث إن التشريعات والأحكام السماوية لا تخالف العدل والإنصاف، كما أنها ثابتة بالمعنى الثاني أيضاً كما دلت على ذلك الأدلة المذكورة في مظانها، إلا أنه قد وقع الخلاف في ثبوت القاعدة بالمعنى الأول، وهو مورد بحثنا فعلاً، على قولين: القول الأول: إنكار القاعدة؛ وهذا ما تبناه السيد محسن الحكيم اعلی الله مقامه ولذا قال في المستمسك: "لكن إثبات القاعدة الكلية منها لا يخلو من إشكال"( )، وقال أيضاً في المستمسك: "ولأجل أن قاعدة العدل والإنصاف لا دليل ظاهر عليها إلا ما يُتراءى من كلمات غير واحد"( ).